تحليل سياسي أشار الدكتور غازي صلاح الدين العتباني مستشار الرئيس السوداني و المسئول عن ملف مفاوضات دارفور الى أن حكومته تسعي لإجراء استفتاء إداري بشأن ما إذا كان أهل دارفور يريدون إبقاء الاقليم كإقليم موحد، أم مقسم لولايات؟ القرار السوداني أثار ارتياب بعض الحركات المسلحة الدارفورية وطفقت -و علي الفور- فى مناهضته و رفضه - زاعمة حسب حججها التى أثارتها - أنّ القرار موضع تفاوض فى مفاوضات منبر الدوحة ولا ينبغي إنفاذه على وجه منفرد قبل التوافق عليه فى المفاوضات. الدكتور غازي من جانبه عقب على رفض الحركات المسلحة مؤكداً ان استفتاء دارفور لم تجترحه الحكومة السودانية من عندها ، إنما هو منصوص عليه ضمن بنود اتفاقية ابوجا الموقعة فى الخامس من مايو 2006م. و من المعروف -وفقاً لمراجعتنا لاتفاق ابوجا- ان استفتاء اهل دارفور بشأن الاقليم الموحد من عدمه هو بالفعل ورد ضمن نصوص اتفاقية ابوجا ، ومن ثم يمكن القول ان لديه مرجعية سياسية وقانونية لا تشوبها شائبة. من الجانب الآخر فان من المستغرب حقاً ان ترفض الحركات الدارفورية قراراً كهذا ، فهو قرار يستهدف أهل دارفور باعتبارهم المعنيين أصلاً بالأمر و هم الذين سوف يتقرر لمصلحتهم الاقليم الموحد من عدمه ، ولو فرضنا جدلاً ان الحركات المسلحة لا تثق فى السلطة الحاكمة - وهذا على الأرجح ما يثور فى ذهنها الآن - فان بوسعها المطالبة برقابة إقليمية ودولية على غرار ما جري بشأن استفتاء الجنوب ، بل ان هذه الحركات المسلحة تستطيع – ان كانت جادة – ان تكون حاضرة فى العملية . أما إذا كانت هذه الحركات المسلحة لا تريد ان يقوم اى إجراء فى دارفور بمنأى عن توصلها لاتفاق سلام مع الحكومة فان السؤال الذى يفرض نفسه بشدة هنا هو ما الذي يقف حائلاً دون مسارعة هذه الحركات بالتفاوض مع الحكومة؟ هل رفضت الحكومة الجلوس مع هذه الحركات؟ بل إن السؤال الشديد الإلحاح هو ما هي الأضرار التى سوف تترتب لمجرد قيام استفتاء كهذا ، وما الذى يمثل فارقاً ما بين إجراء الانتخابات العامة التى جرت فى كل السودان بما فى ذلك اقليم دارفور فى العاشر من مايو 2010 و حازت اعترافاً دولياً دون انتظار التوصل لسلام فى دارفور ، ومابين إجراء هذا الاستفتاء الإداري ؟ إن الاستفتاء لا يتعلق بانفصال الاقليم حتى يثير المخاوف ؛ هو فقط أمر إداري من صميم حقوق أهل دارفور ، وإذا كانت الحركات المسلحة تمثل اهل دارفور فان عليها ان تقبل بما يقرره اهل دارفور لا أن يُخضِعوا أهل دارفور لرغباتهم هم لأنهم – بداهة – لا يمثلون أهل دارفور ،ولا يملكون تفويضاً منهم .