ربما بلغت خيبة الأمل ببعض القوي الدولية منتهاها وهي تراقب الحملات الانتخابية للقوي السياسية المختلفة في السودان التي لم تركز بصفة أساسية في حملاتها علي قضية محكمة الجنايات الدولية. فباستثناء مرشح الحركة الشعبية لولاية الخرطوم ادوارد لينو، وبعض الاشارات الغامضة من مرشحها الرئاسي عرمان وقدر قليل جداً من السيد الصادق المهدي والذي اضطر للحديث عن (طريق ثالث). كما يحلو له. لاستثناء هذه الاشارات فان بقية المرشحين الرئاسيين وهم (9) لم يتعرضوا لورقة الجنايات الدولية لا من قريب ولا من بعيد. وهو أمر أصاب القوي الدولية التي كانت ولا تزال تراهن علي هذه الورقة بخيبة أمل كبيرة. وتقول مصادر دبلوماسية غريبة في العاصمة الاميريكية واشنطن أن منظمة أنقذوا دارفور وجماعات الضغط الناشطة في هذا الصدد كانت شديدة الرهان علي أن ال (11) مرشح رئاسي من جملة ال (12) مرشح رئاسي المرشحين للرئاسة في السودان سوف يتغلبون علي مرشح الحزب الوطني الرئيسي والتعريض به، واشانة سمعته السياسية بحيث يولي الناخب السوداني وجهه الي جهة أخري غير البشر فيتحقق الفوز لغيره. وبالطبع ما من سوداني يسأل نفسه لماذا لم تصبح قضية الجنائية ورقة رابحة في السباق الانتخابي الرئاسي وهو بهذه السخونة. ولكن من المؤكد أن غير السودانيين ربما تساءلوا عن ذلك، والاجابة سهلة وبسيطة اذ أن قضية مذكرة الجنايات أصبحت قضية وطنية تمس السيادة الوطنية للبلاد وجعلها أي مواطن سوداني عنصراً من عناصر كرامته الشخصية سواء اتفقوا أو اختلفوا مع الرئيس البشير وقد رأينا كيف ارتفعت الي عنان السماء شعبية الرئيس عقب صدور المذكرة في (4) مارس اذار الماضي، بل كانت دافعاً له ليخوض الانتخابات ليثبت أنه يستند علي جماهير وشعب يحمل مبادئ حقيقية. وربما بدت الصورة مختلفة في أذهان الغربيين بصفة عامة فثقافتهم في مثل هذه الامور مختلفة عن ثقافة السودانيين وفوق ذلك فان المذكرة في حد ذاتها وبصرف النظر عن أي شئ جسدت عملية اذدواجية المعايير والانتقائية وهي أمور سرعان ما أدركتها الذهنية السودانية، لهذا فان المرشحين الرئاسيين الذين لم تغب عن بالهم هذه الحقائق وهم يعملون طبيعة الشعب السوداني ويعلمون في قرارة أنفسهم أن استخدام هذه الورقة بعد سابقه خطيرة في الشأن السياسي السوداني فقد فضلوا النأي تماماً عن هذه الورقة واكتفوا ببرامج موضوعية بعيدة كل البعد عن الولوغ في شأن حساس كهذا. وقد غامر لينو المرشح لولاية الخرطوم وغامر معه عرمان بالخوض في هذا الامر، ولكن كان واضحاً أن الاثنين انما غامرا من منطلق تسجيل مواقف فقط لعلهما أن حظوظهما في الفوز معدومة الي حد بعيد فلن يضيرهما أن يستخدما هذه الورقة طالما أن فرصهما في الفوز أصلاً قد تلاشت أو منعدمة من الاساس.