تصور عزيزنا القارئ ان زعيم الحركة الشعبية و رئيس حكومة الجنوب الذى لا ينافسه على رئاسة حكومة الجنوب إلا مرشحاً واحداً فقط هو د. لام أكول ، تصور أنه يقف أمام مواطني الاستوائية و هو يستجديهم إستجداءاً للتصويت له ! و ربما بدا الأمر معتاداً أن يدعو مرشحاً عادياً ناخبيه ان يصوتوا لصالح برنامجه او اطروحاته ، او ان يحرصوا على التصويت و ممارسة حقهم الديمقراطي. هذا كله معقول و مقبول و لكن ان يصل الأمر درجة طلب التصويت للمرشح نفسه بدعوة منه و بحرارة و و إلحاح فان وراء هذا الموقف دون شك كارثة ما؛ فقد ظنت الحركة الشعبية ان الاستحقاق الانتخابي نزهة و ان سيطرتها على مفاصل الحكم فى الجنوب و وجود قوة عسكرية ضاربة هى جيشها الشعبي سوف يغنيها عن أى عناء تتكبده فى هذا الاستحقاق الانتخابي ،و لكن سرعان ما تبين لها ان الأمر ليس سهلاً ، فمرشح الحركة لرئاسة جنوب السودان متخوف من الفشل ،و لم يقتصر خوفه على الفشل على المستوي الرئاسي القومي ، فقد أيقن منذ البداية بأن هذا أمر مستحيل و لكنه بدا الآن متخوفاً من أن تطير حتى رئاسة حكومة الجنوب منه !! و لعل مخاوف الزعيم ، نبعت من كمية المرشحين المستقلين (حوالي350) مرشحاً و من يقف وراءه من قبائل و مناطق فى الجنوب لها تأثيرها و وجودها الفاعل . كما ان الحركة عانت- بسوء تقديراتها- من وجود حلفاء أو حتى حليف واحد تستند على كتفه و تعبر معه النهر الهادر ، فقد تمعنت دون اسباب مقنعة على شريكها الوطني على الرغم من انه ترك لها الجنوب طريدة سهلة تنالها دون عناء، كما أنها خسرت حلفائها فى قوي جوبا الذين اتجهوا باتجاه طلب تأجيل الانتخابات فى حين انها رفضت – ضمنياً التأجيل ! و كانت الطامة الكبري ان الحركة فقدت تعاطف و دعم الحركات الدرافورية المسلحة وحتى حركة عبد الواحد التى تمت لها بصلة تاريخية و ربما تنظيمية ، حيث نشأت حركة عبد ا لواحد على ذات النهج الذة نشأت به الحركة الشعبية .و صدر توجيه مؤخراً من حركة عبد الواحد بعدم دعم مرشحي الحركة الشعبية لقيام الاخيرة باعتقال 5 من قيادات حركة عبد الواحد فى جوبا . و في منحي آخر فقدت الحركة ايضاً أبناء النوبة الذين يمثلون نسبة مقدرة فى قطاع الشمال حين جري ترشيح المرشح الرئاسي ياسر عرمان مسئول قطاع الشمال للرئاسة من دون مشاورتهم مما جعلهم يوجوهون عضويتهم هم كذلك بعدم التوصيت لصالح عرمان . هذا التدهور الجاري فى جسد الحركة الشعبية تزداد مخاطره على جسدها العليل فهي حتى الآن ليست صديقة لأحد ،و لا حتى مراهنتها المبطنة على فصل الجنوب فى إستحاق الاستفتاء المقبل لا يبدو أمراً مضموناً فى ظل بروز قوي جنوبية يتجاوز عددها ال(7) أحزاب كبيرة من المنتظر ان تؤثر تأثيراً بالغاً فى عملية الاستفتاء و ربما تقود لفقدان الحركة الشعبية لآخر أوراقها !