يبدو أن الوصف الذي لحق بعبد الواحد محمد نور بأنه أصبح مثل الفتاة الجميلة التي تمنعت على المتقدمين لها حتى فاتها قطار الزواج قد أصبح حقيقة ماثلة بعد أن لاقت حكومة ساركوزي ضغطاً متزايداً من قبل القوى السياسية بل على المستوى الشعبي للتخلي عن عبد الواحد الذي صار كالمنبت (لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى) خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي كوشنير الذي صرح بأنه يستغرب عناد عبد الواحد الذي حسب قوله (استضافته الحكومة الفرنسية) فقابل الضيافة بعدم الاستماع لنصائحها للحاق بعملية السلام وذكر كوشنير في مقال نشرته صحيفة ليبراسيون بأن باريس قدمت دعماً لعملية السلام في الدوحة إلا أن فصيل نور رفض الانضمام إلى عملية السلام وقال: (منذ ثلاث سنوات يرفض الزعيم المتمرد عبد الواحد نور الذي (استضفناه) أن يستمع لنصائحنا ولا أحد يفهم عناده وعزلته المتزايدة والتي تشكل عقبة أمام سلام دارفور،وانتقد كوشنير من يدعمون عبد الواحد وخص منهم برنارد هنري ليفي واندريه غلوسكمان والذين قال عنهما (إنهم يخطئون اختيار المعركة وربما الرجل) في إشارة منه إلى أن المراهنة على عبد الواحد أصبحت خاسرة وأن على الذين يدعمونه أن يختاروا لهم فرس رهان آخر وأضاف الوزير الفرنسي أن الحركات المسلحة في دارفور قد تخطت انقساماته وانضمت إلى عملية السلام في إشارة منه إلى أن عبد الواحد قد صار خارج اللعبة. وعلى الصعيد المحلي أثمر التململ الذي اعترى قوات عبد الواحد الميدانية والذي بدأ قبل أكثر من خمسة أشهر أثمر عن عزله وتكوين مكتب قيادي لقيادة الحركة في الاتجاه الصحيح وقد أسمت القيادة الجديدة نفسها باسم القيادة التاريخية في إشارة منها إلى أن عبد الواحد لم يبق له أي موطئ قدم في الحركة وفي سياق ذي صلة أعلنت هذه القيادة التاريخية لحركة تحرير السودان والتي عزلت عبد الواحد محمد نور أنها بصدد اللحاق بمباحثات الدوحة من أجل وضع حد لمعاناة أهلهم وكشفت عن تنسيق بينها والقوات المسلحة أفلح في السيطرة على منطقة شرق جبل مرة ودحر القوات الموالية للقائد المعزول عبد الواحد محمد نور أخيراً من منطلق البرتوكول الذي وقعته مع الحكومة بوقف العدائيات وأوضح المتحدث الرسمي باسم المجموعة نصر الدين حسن جمعة في حديث للرائد أن قواتهم وقعت بروتوكول عدم اعتداء مع الحكومة وقامت بعمل مشترك من تنظيف جيوب جبل مرة من القادة الموالين لعبد الواحد مؤكداً أنهم قاموا بذلك لإيقاف معاناة أهلهم في دارفور والذين ظل عبد الواحد يساوم بهم دون أن يقدم لهم أي عون . وقال نصر الدين إن القيادة التاريخية اختارت الدكتور عثمان محمد ممثلاً للقيادة الجماعية والتي تتكون من خمسة وعشرين قائداً مضيفاً أنهم لا يريدون تكرار ما قام به القائد المعزول عبد الواحد. ويضيف الناطق الرسمي للقيادة التاريخية أنهم يناشدون كل وسائل الإعلام أن لا تسلط الضوء مجدداً على القائد المعزول عبد الواحد كونه أصبح الآن من التاريخ حيث ذهب إلى أعماق مذبلته مضيفاً أن تركيز وسائل الإعلام عليه لا يزيد إلا معاناة أهل دارفور وقال إن قواتهم الآن تسيطر على جنوب وشرق وشمال جبل مرة مناشداً الأهالي الذين نزحوا من هذه الأنحاء العودة إلى قراهم التي أصبحت آمنة مطمئنة الآن حسب قوله. وعن فلول من تبقى مع عبد الواحد قال نصر الدين إنهم قد التزموا جانب الحياد وأن قيادة الحركة التاريخية على اتصال بهم الآن لاتخاذ ما تراه مناسباً مع ردهم سياسياً أو عسكرياً، ويرون فيه من جعل السلطات كلها تحت إمرته حتى وهو في فنادق باريس غير عابئ بمعاناة أهله الذين أنهكهم البقاء في معسكرات اللجوء والنزوح دون ذنب جنوه. يظل موقف عبد الواحد الرافض لكل الأصوات المنادية بالسلام في دارفور بما فيها مضيفوه في الحكومة الفرنسية الذين لمحوا أولاً ثم بدأوا في التصريح برفضهم لموقفه المتعنت بلا تفسير سوى خطوته في الظلام وأعني ارتماءه في حضن إسرائيل والتي لا تجد أي قبول لدى مواطن دارفور المتمسك بدينه والمتفاعل مع قضية الأخوة في فلسطين وبذلك لا يمكن أن يضع يده في يد الإسرائيليين الذين ذبحوهم وشردوهم من وطنهم فلسطين . نقلا عن الرائد 28/3/2010