الفتنة القبلية التي بدأت تكشف غطاء وجهها في دولة جنوب السودان، كانت متوقعة وفق أراء الكثير من المراقبين، الذين يدركون طبيعة أهل الجنوب، والعداء القبلي المتوارث وبالأخص ما بين قبائل الدينكا والنوير. والتي تفجر بعد شهور من إقالة سلفاكير لنائبه رياك مشار، والاتهامات المتبادلة، والتي قادت أخيراً الي الصراع الدموي القبلي يقول الباشمهندس عادل خلف الله عضو قيادة حزب البعث السوداني إن الصراع حول السلطة في الجنوب بعد انفصاله تفجر بشكل دراماتيكي الي حرب أهلية لم يكن مفاجئاً؛ بل كان احتمالاً وارد الحدوث وذلك لعدة أسباب منها أن الجنوب لم تتوطن فيه بنية الدولة بكل مقوماتها لأن الانفصال أساساً جاء تعبيراً عن توجيهات ومصالح النخب الانعزالية في الشمال والجنوب ولم يكن تطلعاً جماهيرياً يدفع بالمقابل لمزيد من التوحد والتدامج الوطني وثانياً البنية الاجتماعية والديمقراطية للجنوب قائمة علي التكوينات القبلية وما دونها وعلي خلقيتها تكونت الجماعات المسلحة وتمرست علي حرب العصابات ولم تتطور تلك الجماعات المسلحة وتندمج في جيش نظامي محترف له نظمه وتقاليده وصيغ عمله إضافة إلي صعود القوي التي تمرست علي القتال الي السلطة دون خبرات سابقة يجعلها علي استعداد لفض خلافتها، وهو أمر وارد وطبيعي، بالأسلوب الذي تعودت عليه ويري خلف الله أنه بعد الانفصال فقدت القوي المتصارعة علي السلطة ما كان عاملاً في توحدها شكلياً أو باعثاً لتأجيل صراعاتها رغم تباين انتماءاتها القبلية وتوجهاتها السياسية والفكرية ونعني بذلك وضعها للجنوب في مواجهة الشمال وعن تداعيات ذلك علي المديين البعيد والقريب – يري عادل أن الصراع حول السلطة في الجنوب سيؤدي الي أثار اقتصادية واجتماعية وثقافية بالغة علي اقتصاديات السودان ودولة جنوب السودان ودول الجوار. حيث أدي القتال الي توقف تصدير نفط الجنوب عبر الشمال وتوقف إنتاجه في حقل الوحدة وفقد بذلك الشمال إيرادات خدمات ونقل نفط الجنوب والتي تبلغ 5% من مصادر إيرادات موازنة 2014 وتعطلت حركة التجارة البينية وتجارة الحدود التي بدأت في الانسياب بموجب الاتفاقيات والتي كان متوقعاً لها ان تصل الي أكثر من 3 مليار دولار. كما أن استمرار تدفق آلاف النازحين نحو الشمال بكل ما يعتمل في وجدانهم من مشاعر وذكريات وعمق شعبي تترتب عليه أعباء مالية وإدارية لمواجهة مطلوباته واحتمالاته العسكرية والأمنية... إجمالاً يؤدي ما ذكر وغيره الي زيادة عجز الموازنة وزيادة التضخم وارتفاع أسعار السلع والخدمات ومزيد من الشح في النقد الأجنبي وتتعاظم تأثيرات ذلك بمرور الوقت وتذهب الناشطة السياسية عفاف إسماعيل الي أن ما يدور في دولة الجنوب سيقود إلي منحدر سحيق إذا لم يتدارك الأخوة الجنوبيين خطورته وسيذهب بهم بعيداً ويؤثر علي كافة الأصعدة.. فالذي يدور من عمليات حربية خلف إعدادا كبيرة من القتلى والجرحى وتدفق الكثير من اللاجئين نحو السودان وترتب علي ذلك ارتفاع أسعار السلع وسط الضائقة المالية التي يمر بها السودانيين والتدهور الاقتصادي العنيف وربما يقود هذا التدفق الي تدهور أمني وتضيف عفاف. أن علي الأخوة الجنوبيين تسوية صراعاتهم القبلية والسياسية السلطوية لأنهم دويلة وليدة منفصلة بإرادتهم عليهم أن يسيطروا علي نزواتهم ورغباتهم في السلطة بعيداً من الصراعات الاثنية التي خلفت تلك الكوارث الإنسانية والجنوب يعاني من كارثة اقتصادية الآن بعد معاركهم التي ضربت مواقع البترول وحدود التبادلات التجارية ودون شك سيكون لها تأثيرها علي دول الجوار والسودان أول هذه الدول. نقلا عن صحيفة الألوان 23/1/2014م