على الرغم من ان الدكتور خليل ابراهيم زعيم حركة العدل و المساواة الدارفورية المتمردة قال أنه ذهب الى الدوحة منتصف الاسبوع الماضي بغرض التشاور مع الوسطاء، عقب تعثر مفاوضاته مع الحكومة السودانية بسبب تعنت متعمد من جانبه ،إلا ان الحقيقة ،أن د. خليل واتته هواجس و مخاوف لم يكن يضع لها حساباتها وكان يستهين بالأمور و يعول على أمور أخري بعيدة كل البعد عن أرض الواقع و يبدو ان جهة ما أفهمت د. خليل شيئاً كان غائباً عنه ،و قد افصح عنه رئيس وفد مفاوضات الحكومة السودانية د. امين حسن عمر وهو أن التفويض الممنوح للوفد الحكومي والحكومة السودانية بشأن هذه المفاوضات ينتهي فى العاشر من ابريل الجاري ، أى بعد اسبوع واحد تقريباً ،إذ أن البلاد و إبتداءاً من الحادي عشر من شهر ابريل الحالي تدخل فى مضمار الاستحقاق الانتخابي ،و فى هذه الحالة فا نالحكومة القائمة – و بمجرد بدء عملية الاقتراع – تصبح تلقائياً – حكومة تصريف أمور و هى بهذه الصفة لن تملك تفويضاً لعقد اتفاقات محلية او دولية ، و نتحصر مهامها فقط فى تصريف الشئون الروتينية اليومية. و ينبني على ذلك – و هذا هو مكمن ازمة د. خليل – أن ما هو متاح أمامه الآن أفضل من ما قد يُتاح له عقب الاستحقاق الانتخابي ، بصرف النظر عن هوية الحكومة الجديدة التى سيختاره الناخبين السودانيين ، إذ من المؤكد ان مياهاً كثيرة سوف تكون قد جرت تحت الجسر ،و أن شرعية غير مطعون فيها تكون قد تحققت للحكومة الجديدة ،و تصبح مقاتلة سلطة شرعية كهذه فارغة المحتوي و غير مقبولة لا محلياً و اقليمياً و لا دولياً فان الحكومة المنتخبة الجديدة سيظل الملف الاهم عندها حينئذ هو قضية الاستفتاء فى جنوب السودان باعتبارها قضية استراتيجية هامة يتحدد على ضوئها بقاء السودان موحداً او منقساً الى دولتين ، كما ان المجتمع الدولي تلقائياً سوف يوجه أنظاره باتجاه الجنوب السوداني ، خاصة الولاياتالمتحدة التى تبدي اهتماماً خاصاً بعملية تقرير المصير و مهتمة بها الى حد كبير. وهكذا فان معطيات كهذه - يبدو أن د. خليل لم يحسن قراءتها ، سوف تجعل من موقفه التفاوضي هزيلاً فى أحسن الاحوال ، خاصة و ان الرجل لم يحدد حتى الآن رؤية سياسية واضحة جادة ،و نتحصر كل قضيته فى ما يمكن وصفها بمظالم شخصية و مرارات خاصة . و على اية حال فان الدكتور خليل – رغماً عن كل شئ ، أمامه الآن فرصة عليه ان يغتنمها قبل فوات الأوان !