بدأت القوى السياسية المعارضة فى السودان تعض أصابع الندم فى وقت لم تعد فيه من فائدة من وراء هذا الندم ، فالازمة الآن لم تعد أزمة قوي سياسية لا تجد ملجأ لها ، و تستشعر (ضياعاً سياسياً) حين تغطت بغطاء الحركة الشعبية الذى أثبتت من قبل عشرات الشواهد أنه غطاء لا يستر و لو ليوم واحد ! كما ان الازمة لم تعد ازمة قوي سياسية فقدت خياراتها ، و ضاقت عليها نفسها بما رحبت و ما من عاقل (محلياً او اقليمياً أودولياً) يجد لها العذر فيما آلت اليه موافقها لأنهأ أوحت للعالم بأسره انها (راضية) بالعملية الديمقراطية و سلكت كل شعابها و التزمت بكل قواعدها ، ثم توقفت على مشارفها دون حجج مقنعة و قوية. إنما الازمة الحقيقة الآن هو ان القوى السياسية وجدت نفسها داخل ميدان المبارة و تلبس زي المبارة ،و إمتلأت المدرجات بالمتفرجين و توشك المبارة على الانتهاء ! ففي مثل هذه الحالات يتجلي عنصر الندم ليس فقط لأنها راهنت على لاعبين لعبوا لصالحهم الشخصي ، و لكن لأن اللعبة لم تعد تحتمل انصاف الحلول مثل المقاطعة المشروطة ،و الانسحاب المشروط فقد تم إغلاق بال (الوسائل المشروعة) للعبة و فات أوانها ،و الذى يحدث الآن يحسب (قانوينأً و سياسياً) فى خانة الفرار و الهروب !..و يكمن الندم المؤثر هنا فى إضاعة هذه القوى لخمس سنوات غوالي من عمر الفترة الانتقالية ، كان بوسعها منذ ذلك الحين ان تكون قد اعدت و إستعدت إستعداداً كاملاً لهذه العلمية ، و بوسع أى مراقب موضوعي ان يتخيل قوي سياسية كان متاحاً لها وقت بلغت مدته 5 سنوات إبتداءاً من2005 ،و كان أمامها ان تنظم نفسها تنظيماً جيداً وأن تعيد ترتيب صفوفها و ان تصنع برامجاً جادة و مخلصة ، لكان بوسع هذه القوى ان (تجبر) حكومة الوحدة الوطني – من خلال العمل السياسي- على تحقيق كل ما تريده من مناخ تري انه يحقق لها لعباً نظيفاً حيث لا يقبل منقوة تدعيانها صاحبة الغلبة و الاغلبية (و قادرة على اكتساح الانتخابات) الاشتكاء من حزب المؤتمر الوطني و ذرف الدموع أمام عتباته و هى تنظر اليه كحزب صغير! فاذا كانت هى احزاب عريقة و كبيرة و تغاضينا عن فشلها – رغم كبر حجمها و قوتها – فى إزاحته حرباً أو سلماً طوال ال15 عاماً السابقة لنيفاشا ، فاننا لن نجد لها عذراً فى فشلها فى منازلته عقب نيفاشا فى وقت كان هو محاصر و مشغول بأزمات عديدة تمسك بخناقه ، ليس اقلها ازمة دارفور و الجنائية ، و مشاكل الشرق و الجنوب ،و بعض قضايا السدود فى الشمال! إذا كان المؤتمر الوطني فى نظر هذه الاحزاب حزب صغير و هى أحزاب كبيرة ، و هو يواجه أزمات تلو الازمات بينما هى جالسة فى مقعدها برئية و قوية ، لماذا لم تستطع ان تقتلعه أو أن تصبر على منازلته ؟ لماذا قررت عند حلول اجل المنازلة الهرب ؟ من الواضح ان ازمة هذه القوى تفوق التصور بحيث لم يتبق لها سوي الندم و الندم وحده !