مثلما أشعلت مدينة توريت اوار الحرب والتمرد في الخمسينات وكانت رأس الرمح في التمرد الاخير الذي اندلع في 1983م فقد أعلنت ذات المدينة الآن زخما جديدا لحملات د. لام أكول التي يخوضها في مدن الجنوب لخوض المنافسة على رئاسة الجنوب في الانتخابات الحالية. وبدأ لنا والطائرة تحلق في سماء المدينة وتقترب من ذلك المطار الصخري الذي ظل على حاله بانان على موعد مع التاريخ ظهر الجمعة عبر رحلة استغرقت أقل من نصف ساعة من مطار جوبا. وما هبطت الطائرة حتى تلقفتها الحشود الهادرة وهي ترفع شعارات التغيير وتنادي بالثورة. في سلم الطائرة وقف المئات لنحر ثورهم الأبيض ليقفز عليه د. لام أكول كأصدق تعبير عن الفداء قبل أن يواصل مسيرته الحاشدة مع إفراد ومجموعات قبائل اللاتوكا والدونقا ولاتبوسا بإزائهم ورقصاتهم الشعبية بميدان الحرية وسط المدينة واحاطت به قوات الجيش الشعبي، وقال ممثل المنطقة في هذا الاحتفال بأن توريت ترحب بأكول لأنها تعرفه جيداً وليس جديداً عليها كما يعلم هو أوضاعها التي ظلت على حالها طيلة أيام الحرب وحتى توقيع السلام وأضاف لهذا فإننا ننظر لهذه الانتخابات بان تفرز لنا قائد يحمل همومنا عبر مفهوم وبرنامج التغيير. توريت لماذا؟ وقال الدكتور لام أكول بعد أن حيا الجماهير المصطفة وسط أهازيج الفرح الشعبي ورقصات الشباب بان لتوريت تاريخ خاص في نفوس الجنوبين باعتبارها المدينة التي أشعلت التمرد في الخمسينيات والمدينة التي فتحت عيون الجنوبيين لحقوقهم ووضعتهم امام واقع الثورة بمثلما كان لها دور في بدايات الحركة الشعبية. وذكر المواطنين بالدور الذي قام به في 1989م مع أول سقوط للمدينة على أيدي الجيش الشعبي والحال التي وجد فيها المواطنين، وقال بمثلما كنا نثور من أجل العدالة فأننا نأتي اليوم لطرح برنامج التغيير على خلفية الاخفاقات العديدة التي وقعت فيها الحركة الشعبية وهي تتورط في قضايا الحكم دون أن تستطيع حل مشاكل الجنوب وتعرض لقضايا الفساد والفشل في مجالات العجز عن خدمة المواطنين أو التصدي لمشكلاتهم، وأكد أن الانتخابات الحالية باتت استحقاق شعبي اقتضته الالتزام ببنود الاتفاقية لإعطاء دفعة للسلام وإشراك المواطنين في القرار، وقال أن الاتفاقية كانت حصيلة لنضالات الجنوبيين ولهذا كان واجب الحفاظ عليها، وأضاف إن الحركة الشعبية الآن فشلت والدليل تورط مسؤوليها في حكومة الجنوب في قضايا الفساد في حين كان يفترض استغلال فترة الخمسة سنوات التي ضاعت الآن لتنمية حقيقية أمام اوصلت الجنوب لذات المكانة التي عليها الشمال في حالة التصويت للوحدة أو تأسيس بنية لدولة جديدة إذا اختار الجنوب الانفصال، مشيراً إلى أن 10 مليار دولار ضاعت دون انجاز كما أن الحركة الشعبية افتقدت الرؤية في تقديم برنامج سواء لأهل الجنوب أو أهل الشمال والدليل التخبط الحالي ما بين الحديث عن انتخابات وسحب المرشحين دون إعطاء سبب مقنع . يامبيو:- ما أن اتجهت الطائرة نحو غرب الاستوائية حتى بدأت التكهنات تتضارب ما بين من يشيرون لسوق الاستوائيين للتغيير ومن يرون بأن سنين الحرب التي اعطت الحركة الشعبية حق مطلق في هذه المناطق طيلة العشرين سنة الماضية ربما كانت لها تأثيراتها. كانت يامبيو هادئة بمناخها الساحر والطائرة تحط على مدارج مطارها وما إن انتهت التوجسات الأمنية التي تبدأ عادة في المطار حتى انطلق الموكب لداخل المدينة وهو يشق طرقها الحمراء المعفرة وسط أشجار المانجو والتيك والبلوط والقاقاي لقضاء المساء في الموقع المخصص انتظاراً لفجر يحتشد فيه الناس. وفي ميدانها المعروف وسط الأشجار تجمع المواطنين ليستمعوا لدكتور لام أكول بلغات عربي جوبا ولغة الزاندي كان التجاوب يبلغ ارجه بالمهمهمات والهتافات أحيانا. وأشار نمير رئيس حركة التغيير بيامبيو لمطالبهم الخاصة بالتنمية والخدمات وتوفير الأمن والتعليم . وظلت وصية د. لام أكول لهم إن جربونا ثم احكموا علينا وقد جربتم كل لحكومات خاصة وان برنامج التغيير يقوم على فكرة بسيطة وهي نقل السلطة للمواطن في كل مكان في الجنوب بدل حصرها في جوبا التي تستأثر ب 90% من السلطة والثروة وال 10% المتبقية تقاسمها بقية المناطق ودعا المواطنين للتصويت لصالح برنامج التغيير دون الالتفاتات لدعاوي التخذيل والتخويف إذا أرادوا اخذ حقهم في نهاية المطاف. واو نار:- كما يقولون فقد أصبحت هذه المدينة العتبة الأخيرة رغم أنها لا تزال تتحصن بحبوب المناعة ضد التغيير واقتلاع الفساد. في الزيارة الأولي شهدت مواجهة مع موكب أكول وفي الثانية ازدادت الحدة درجات اعلي بقصف الموكب بالحجارة. أكد بعدها أن ما يهمه مهما تزايدت المواجهات والاعتقالات وتدمير مواقع الاحتفالات فان الرسالة قد وصلت لجماهير بحر الغزال وإذا صدقت الانتخابات فلن يكونوا عقبة امام التغيير. وطبقاً للإحصاءات فان مجموع الناخبين في ولايات بحر الغزال الكبرى بما فيها واو وراجا ورومبيك واويل لا يتعدي ال (1715) ناخب وهم بالتالي اقرب من نصف العدد المسجل للناخبين في جنوب السودان والمحدد بأكثر من 4 ملايين وبالتالي فان بحر الغزال ستكون ساحة لمعترك حاسم بين المرشحين ومن يكسب الاخريات وينافس عليها فقد يضمن الفوز لهذا باتت واو نار. نقلا عن صحيفة أخبار اليوم السودانية 6/4/2010م