منذ البدايات الأولي للحوار بين الوطني والشعبي قلنا بأن دكتور الترابي يري ما لا يراه الآخرون. وما يراه الترابي الآن لا يستطيع أي من تلاميذه وإن أدعي القدرة علي ذلك التنبؤ به!! ليس اطلاعاً علي الغيب من الترابي، وليس تقليلاً من مقدرات تلاميذه السياسية والفكرية، لكنها المقدرات الذهنية والقراءة الجيدة التي يجيدها الترابي لمجريات الساحة السياسية ومتقلبات أمورها. وأمس الأول يدلف الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر إلي المركز العام للمؤتمر الوطني لأول مرة منذ 1999م والانشقاق الإسلامي المدوي. دخول كمال عمر لدار الوطني يكمل المشهد الذي بدأ دكتور الترابي رسمه في منتصف مارس الماضي بعد لقائه الشهير بالبشير وهو لقاء لم يرض كثيراً من الناس لتحل دونه الفكرة التي تمخض عنها اللقاء أو بمعني أدق (مخرجاته) والتي أسست لعودة كاملة الدسم لإسلاميي السودان. هذا اللقاء الذي أتي علي أرضيه ليل الأسى ومر الذكريات جاء وهو يحمل كثيراً من الآلام والأوجاع التي ناء كثير من الإسلاميين بحملها بسبب مفاصلة لم ير جل أنصار الفريقين لها عنواناً – حينما – غير فتنة السلطة. فقد كانت مخرجات اللقاء الأولية تشير إلي أنه لم يكن لقاء عابراً مثله اللقاءات التي تتم عادة بين البشير وزعماء المعارضة. وتقول ذات المعطيات بأنه لقاء له تبعات سياسية أخري محلية وإقليمية وستكون له تداعيات علي مشهد السلطة. وستكون مخرجاته بمثابة (انقلاب) سياسي أبيض يطيح بالبعض، ويخلي كثيراً من المواقع، ويدفع بآخرين خارج دوائر الفعل السياسي. تقول الشواهد إن اللقاءات السرية والاتصالات التي سبقت اللقاء الأخير، والتي كانت تتم بين المؤتمر الوطني والشعبي في إطار المحاولات الرامية لتسوية الخلافات بينهما عادة ما كان يتكتم بشأنها حرصاً علي إنجاحها. بيد أن الجيد في اللقاء الأخير أن الأمر كان مختلفاً عن سابقيه فاللقاء كان لقاء قمة وغير مسبوق منذ عقد ونصف العقد من الزمان. فاللقاء جاء والتقارب بين الغريمين قد خطا خطوات كبيرة بشأن التوحد إما عبر الاندماج في حزب واحد أو عبر حزبين متعاونين في كل القضايا. معطيات المشهد العالمي وما تمور به الساحة الإقليمية والخليجية تشير بجلاء إلي أن وحدة إسلاميي السودان ستزيد من العزلة الدولية للحكومة التي ستجد نفسها في مواجهة مع محور السعودية والإمارات المناهض للإخوان المسلمين بجانب القطيعة مع الغرب القائمة سلفاً. أما معطيات المشهد المحلي عطفاً علي مخرجات اللقاء فإنها تذهب إلي إمكانية تحالف الوطني والشعبي كإسلاميين في الانتخابات المقبلة. الآن وبعد شهرين من لقاء القمة (الإسلامي) إن جاز لنا التعبير ها هو كمال عمر الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي يشارك إخوان الأمس واليوم والغد منشطهم السياسي الأول ليزيل بذلك بعض التوجس الذي لازم كثيراً من أعضاء الفريقين (قصر، منشية) حول حقيقة الوحدة الإسلامية.. نوء أخير ورب أخ وفيت له بحق ولكن لا يدوم له وفاء أخلاء إذا استغنيت عنهم وأعداء إذا نزل البلاء. نقلا عن صحيفة الصيحة 13/5/2014م