استغل المؤتمر الوطني السلطة أم لم يستغلها ، إستخدم المال ام لم يستخدمه ، تعامل بقوة الرأس أم لم يتعامل بها، وضع المفوضية تحت ابطه أم لم يضعها ، كل ذلك ليس هو المهم ،و ليس المهم هو الكسب ، بل ما هو الاهم و ما هو المكسب ان المؤتمرالوطني عبر كل تصفيات (المونديال الانتخابي) بانتصاره السياسي الباهر على احزاب المعارضة ثم وصوله بجدارة للمبارة النهائية بلا منافس حزبي يذكر لا فى الرئاسة ولا فى مختلف المستويات الاخري الا القليل ! اكتشفت المعارضة واكتشف معها الكثيرون من الذين لا يجدون فى نفوسهم اى ود أو محبة مع المؤتمر الوطني ، ان هذا الحزب الحكومي هو الاكثر قرباً من الشارع الشعبي و ليس بامكانيات (العاطفة الانسانية) ، بل بالفعل السياسي و النشاط الاجتماعي العام و الحيوية الحزبية تلك الادوات التى أكسبته الإلفة مع الناس اختياراً او غصباً . المؤتمر الوطني (لا يستريح) ابدأ و تبدو ساعات نومه قليلة جداً وهو (حضو نابض) فى المخاطبة العامة للناس و من مايكرفونات الاذاعات و على شاشات الفضائيات حتى بداو كأنه قد (شفط) كل انتباه الشعب لصالح برنامجه الانتخابي ..و المؤتمر الوطني ابتكر اسلوباً جديداً فى التعامل مع مطالبات الاحزاب المعارضة و هو (الاصرار) على قرار يتخذه حتى لو قامت الدنيا و لن تقعد ،و بدا و هو كذلك و كأنه يمارس (عقاباً مؤلماً) لكل الاحزاب بعد ان اصابه اليأس من (لولولتها و لجلجتها) كما قال بذلك البشير نفسه! المعارضة بدأت بائسة فى فعلها السياسي و تكتيكاتها الانتخابية و اصابها يأس مدفون و اكتشفت ان المسافة بينها و الشعب كبيرة و رغم ما يمتلكه بعضها من رصيد جماهيري كالامة و الاتحادي الا ان ذلك لم يغرها ابدأ باستعادة (الثقة) فى نفسها و لم يعطيها مجرد أمل فى إحراز اى نصر على المؤتمرالوطني و لو فى حده الادني ! تاهت المعارضة فى اعتراضات و مماحكات فى الزمن الضائع و هامت مع مطالبات مترادفة و تغنت لإستحقاقات ترجوها و المبارة الانتخابية تقترب من (صافرة النهاية) ..فأضاعت على نفسها وعلينا فرصة ان نستمتع بمونديال انتخابي قد يفوق فى متعته نهائيات كأس العالم ! و فشلت المعارضة باحزابها الكبيرة و الصغيرة امام الدينامية السياسية التى يتمتع بها المؤتمر الوطني و اختارت الاستسلام امام نبضه الحار و انفاسه المتصاعدة كأنفاس خيول عربية (اصيلة) فى سباق طويل ! الحركة الشعبية حكمت على عرمان بالاعدام الساسي و اطفأت ما وجده من توهج هنا و هناك، و لو كنت انا مكانه لمزقت بطاقة الحركة الشعبية فوراً و عدت بكل كبرياء لدياري العامرة بالعروبة و الاسلام و لبكيت على اعتابها من طول غربة تورد موارد الهلاك ، فهل هى يا ياسر عرمان مداخل الندم الذى أرجوه لك الآن .. فالندم قد يغسل صدأ النفوس فاقترب من (الجذور الطيبة) ودعك من هذه الهجرة الخاسرة ! اما الامة و الاتحادي فها هما وكأنهما فى مرحلة (انعدام الوزن) ولا ادري كيف يكون ذلك و الصادق و الميرغني تايرخ و قدرة على الفعل فى اي زمان و مكان وهما (الربيع) الذى يتقدم جيئ الديمقراطية كلما بدأ خريف العمر يدب فى الشمولية.. والآن يعض الوسط السوداني العريض شفتيه حزناً و هو ويري الزعامات و كبارات البلد غير قادرة على تغيير البوصلة السياسية تماماً ناحية (الديمقرايطة) التى يفهمها الشعب ناصعة مريحة . واحزاب اخري لها تاريخها السياسي فى وطني (يلجمها) العجز و تشل لسانها ثقافات و افكار سادت ثم بادت و مكانها تحت الشمس أصبح ضيقاً لا يسع انسان السودان بكل ارثه الثقافي و الفكري وكأني بها تحتاج (لمصالحات) مع الذات و الجذور لتخرج من غربتها ! هى الديمقراطية سنقبلها هكذا على علاتها .. و ما نرجوه ان تكون المدخل لاحياء السودان نهضة وفكراً و تقدماً ..و للمؤتمرالوطني نقول مبروك ! نقلا عن الاهرام 8/4/2010