الاهتمام الأمريكي بالوضع السوداني، هو اهتمام قديم وليس جديداً، ويرتبط ببدايات الأزمة في جنوب السودان وحتي تفجر الصراع الدارفوري، وذلك يعود إلي أن الأمريكان لديهم قاعدة في العمل السياسي بأن أي انفلات في السودان يمكن أن يؤدي الي انفلات في دول الجوار والإقليم كلل، بالتالي فإن استقرار الداخل يؤدي الي تهدئة الأوضاع في الإقليم بشكل عام وفي الجنوب بشكل أكثر خصوصية. كما أن الصادق المهدي شخصية قومية ورئيس لحزب كبير له أثره الكبير في الساحة السودانية سلباً أو إيجاباً وفقاً لتوجهات الحزب، بالتالي فان خروج حزب الأمة القومي من الحوار بصورة أو بأخرى يؤدي الي فقدان الحوار الوطني لقوة دفع كبيرة في الساحة نسبة لأن الصادق عقلاني ومعتدل في توجهاته ويسعي لتقريب وجهات النظر، بالتالي فان الترحيب الأمريكي بإطلاق سراح المهدي ينبع من اهتمامهم بنجاح الحوار لأنهم يراهنون علي تفكيك النظام من الداخل أي ما يوازي أطروحة الهبوط الناعم، كما أن الحوار يخلق حراكاً سياسياً آخر يمكن أن يؤدي في مرحلة من المراحل لإشراك حملة السلاح، بمعني أن واشنطون تنظر للحوار باعتباره مدخل لحل المشاكل في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، بما يهيئ المشهد السياسي كلل بإشراك القوي السياسية وحملة السلاح، وإذا لم يحدث تغيير فان حملة السلاح لن يكونوا جزءاً من المشهد والمعادلة السياسية. بالنسبة للأوروبيين فان اهتمامهم بالشأن السوداني حديث، بيد أن خطواتهم تعبر عن أنهم لا يزالون في حالة ارتباك بين وجهات النظر الأمريكية وقناعاتهم التي تتخلص في أن السودان الشمالي لا يمثل أي فائدة لهم بعد انفصال الجنوب، ويقف حدود اهتمامه بالشمال عند حدود القضايا الشخصية المرتبطة بحقوق إنسان في المناطق الملتهبة وحرية الاعتقاد وهو ما يؤكده تدني مستوي الاهتمام بالسودان بعد انفصال الجنوب عملياً. إن الأجندة الأوربية في الحوار الوطني تنطلق من الرغبة الأوروبية في عملية التغيير السياسي التي يمكن أن تؤدي الي حل المشكلات الموجودة في الأطراف، مما يقلل من ضغط اللاجئين علي دول الجوار الأمر الذي سينعكس علي تقليل فاتورة تقديم المعونة والإغاثة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، كذلك فان أي استقرار في الخرطوم سيؤدي الي مشاركة حملة السلاح، لكن ذلك لا يمنع وجود الأجندة السياسية العدائية تجاه النظام من قبل بعض الدول الأوروبية التي لديها مشكلة في استمرار نظام الحكم الحالي كفرنسا وبعض الدول الاسكندنافية، وذلك لأن توجهاتهم مبنية علي فرضية أن وجود نظام إسلامي في دولة كالسودان تحيطها دول مختلفة مع طبيعة مرجعيات الحكم يمكن أن يحيل المنطقة الي حالة صراع . عموماً فان تجليات ارتباك الأوروبيين تجاه العملية في السودان تبرز في تقديم الدعم لجميع الأطراف بعمد أو بدون عمد. نقلا عن صحيفة الرأي العام 18/6/2014م