يلتقي الرئيس عمر البشير، يوم الخميس المقبل، أعضاء آلية الحوار الوطني "7+7" لمناقشة إجراءات تهيئة المناخ للحوار، التي تتطلب إلغاء القوانين المقيدة للحريات السياسية والإعلامية وإطلاق سراح المعتقلين. وتتكون هذه الآلية من سبعة أحزاب من المعارضة وسبعة من الحكومة ويأتي هذا اللقاء المهم بمثابة ضربة البداية لانطلاقة عملية الحوار التي هي على ما يبدو ستتواصل في الفترة المقبلة دون انقطاع. ولأهمية القضايا والنقاط المفصلية التي سيتم عرضها للحوار، فان القراءات الأولية للمواقف السياسية "المتباينة" حولها لم تعد تأخذ نفس الأولوية التي كانت لها في الأشهر الماضية، لان الواقع السياسي قد تغير. ملف السلام والأمن في السودان، لم يعد ملفاً اختيارياً يتم التعاطي معه عبر "المناورات" أو "استغلال الفرص" التي تسنح هنا وهناك لنيل مكاسب سياسية أنية، وقد كان البارز فيها هو اختراق النظام الحاكم. وكذلك تكون علاقات السودان الخارجية، التي ترتبط بالملف الاقتصادي وكل الملفات الأخرى المطروحة للحوار عبر هذه الآلية، وقطعاً هناك ما سيقال ويفعل في هذا اللقاء الذي جاء في توقيته وفي الميعاد. باعتبار ان الحكومة تربط هذا الحوار بالواقع السياسي الذي تعيشه البلاد، وهو أمر يتجاوز الحزب أو الأشخاص إلى الدولة والمجتمع، في وقت لا يصلح فيه "التوقف عند لحظة الترقب الحذر" أو الانتقام الفردي. ويأخذ هذا اللقاء منحي سياسياً قومياً تتقدم فيه المصلحة العليا للبلاد على التطلعات الذاتية لقادة هذه الأحزاب، وهذا يأتي مقروءاً مع حجم التحديات الخارجية التي تواجهها الآن من حصارات ومقاطعة غير مبررة. وذلك بالقفز على ما بقي "ضبابياً" من حقائق جرى دفنها تحت "رماد الرفض والتعنت" طويلاً، في إن الحل السياسي في هذا البلد لا يأتي بشق الصف الوطني والركض نحو "قوى دولية" لها أدوارها العدوانية. في نهاية النفق المظلم، يري الكثيرون أن هنالك حلاً، تأتي به هذه "القوى الدولية" حينما تجبر حزباً له "أغلبيته الميكانيكية" وتأثيره الاجتماعي الكبير على "التنحي" ليتم بعد ذلك "تعميد" أغلبية مختلقة بالقوة. وهذا اللقاء الذي سيجمع الرئيس البشير بالية "7+7" – أياً كان شكله – سيكون شيئاً أخر بخلاف الحرب والاصطفاف إلى جانب العدو، بوصفه عملاً ايجابياً يجري في الداخل لمصلحة الوطن وعبر التراضي. ومن الملاحظ، انه ازدادت في الآونة الأخيرة حركة التنقل بين الأحزاب "بما يشبه فك التسجيلات في كرة القدم" وان لم يكن ذلك معلناً بسبب هذا الحوار الوطني مقابل الحرب المفتعلة والتدخلات الأجنبية. وتعكس هذه الحالة "التنقلات" نوعاً من أنواع اليقظة المبكرة، في إن هنالك "قوى سياسية" لم تستطيع بعد الفكاك من قبضة "الماضي" وسيطرة الانا المتضخمة تجاه مجتمعات هي ليست كما كانت " دوائر مقفولة". فقد انفتحت الدوائر بفعل "التعليم والاستنارة" وتحولت صورة "الأشخاص" بقداستهم الرمزية إلى التحليل الواقعي المجرد في ان أصبح مشروعاً السؤال: ماذا فعل هؤلاء للسودان طيلة نصف قرن من الزمان. وفي حال استمرار هذه الآلية في الانعقاد ومواصلة عملها مع اللجان الأخرى، سيكون من الصعب تجاوز النتائج التي تخرج بها جلسات هذا الحوار، لان الميزات النوعية "للفكر السياسي الحزبي" لم تعد قائمة. وكذلك لا توجد اختلافات "جذرية وجدية" في ماهو قائم من قضايا أمنية وسياسية بالبلاد، إلا حالات الرفض الأيدلوجي التي لا سند لها في المجتمع "المتغير الآن" إلا بحجم الحنين إلى "ماضي الذكريات" فقط؟ وحتى حالات الرفض الأيدلوجي لا تقف خلفها "أعمال وأنشطة سياسية" قادرة على التعبير عن نفسها بالأصالة في محيطها الاجتماعي التاريخي الذي نشأت فيه، ووضعية "التأخر" هذه تحكم علاقتها بالعالم الخارجي. والأنشطة السياسية المعنية، تبدأ من "دراسات وبحوث" السلام والتنمية، والنقاشات المفتوحة "بمرونة كبيرة" حول اقتصاديات النمو وبناء القدرات والاكتفاء الذاتي بعيداً عن عمليات هدم وتقويض ما هو متاح في اللحظة. نقلاً عن صحيفة الصحافة 2014/7/8م