ما يؤكد أن ليبيا على وشك الانهيار، إثر الهجمات الأخيرة التي استهدفت مطاري مصراتة وطرابلس الدوليين، فضلاً عن أعمال العنف الأخرى، في أنحاء البلاد كافة، طلب وزير خارجيتها محمد عبدالعزيز، في جلسة لمجلس الأمن، مساعدة الأممالمتحدة في تدريب قوات الأمن من خلال إرسال فريق من الخبراء الدوليين في هذا المجال، تفادياً لوصول الدولة بكامل مؤسساتها إلى حالة الفشل التام . صحيح أن طرابلس أحجمت عن طلب التدخل العسكري الدولي، لإنقاذ الوضع الأمني المتدهور، إلا أن طلب المساعدة الدولية لتدريب الجيش والشرطة الليبيين، يثبت أن هذه القوات غير قادرة على حماية البنى التحتية الأساسية وخصوصاً المطارات والمنشآت النفطية والاقتصادية في البلاد . أعمال العنف التي جرت مؤخراً، تنذر بتصعيد وشيك وكبير بين الميليشيات الليبية المختلفة، ما يهدد بالانزلاق أكثر في دوامة الدم وتدفيع الشعب الليبي الأعزل الثمن، أمنياً واقتصادياً، خاصة أن البلاد فقدت أكثر من 30 مليار دولار في الأشهر العشرة الماضية بسبب الاحتجاجات في حقول النفط ومصافي التصدير . الأطراف الليبية المتعاركة، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإجراء حوار سياسي معمق وواعد، يصل إلى وضع حلول عملية، ويسد الفجوات في الرؤى بين الفرقاء، وفق إطار زمني محدد، لمعالجة الأوضاع المتردية وينقذ البلاد من التهديدات التي تحوم حول استقرارها، خاصة، مع اقتراب الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة، بدلاً من التنافس عبر فوهات البنادق وراجمات الصواريخ، ورمي التهم جزافاً بحق الآخرين، للحصول على امتيازات ومناطق نفوذ هنا وهناك . ليبيا، في الوقت الحالي، بحاجة ماسة إلى مساعدة الدول العربية والإسلامية والأممالمتحدة، والوقوف إلى جانبها في أزمتها هذه، واجب أخلاقي، من خلال وضع استراتيجية أقوى وأكثر فعالية في هذ الصدد والالتزام بها، لتجنب العواقب الوخيمة، ووضع حد للتوترات وأعمال العنف، التي أودت بحياة العشرات من المدنيين الأبرياء، فضلاً عن الخسائر المادية، ولجوء الأممالمتحدة ومعظم الدول إلى إجلاء موظفيها ورعاياها وإغلاق المجال الجوي الليبي، لأن البديل عن هذه المساعدة الضرورية والملحة هو سقوط الدولة في أيدي مجموعات متشددة وأمراء حرب وصولاً إلى انهيار الدولة وتحول البلاد إلى قطب لاجتذاب المتطرفين من المنطقة والعالم، ومصدر للأزمات إلى دول الجوار العربي والإفريقي والأوروبي . لا بد للجامعة العربية من بذل أقصى جهودها الهادفة لتعزيز أمن واستقرار ليبيا، من خلال استمرار التشاور العربي لتجنب الفوضى الهدامة، وتهيئة بيئة مؤاتية للسلام، وتحقيق تطلعات الشعب الليبي، صاحب القرار والسيادة في ليبيا، وإقامة نظام ديمقراطي يحقق طموحات الشعب الذي ثار على الاستبداد والظلم والدكتاتورية، وتوفير الدعم الملموس الذي يسهم في إرساء سيادة القانون ونزع سلاح الميليشيات وبسط سلطة الدولة وهيبتها على كامل ترابه الوطني . على الليبيين أن يستلهموا التجربة المصرية ليستطيعوا التوصل إلى حلول للمشكلات التي قد تؤدي إلى خسارة الجميع في ليبيا، وعلى دول الجوار أن تبذل قصارى جهودها لتفادي انتقال عدوى الوضع الحالي السائد في ليبيا إلى دول المنطقة، لاسيما الساحل الإفريقي الذي يعاني بالفعل حالة من عدم الاستقرار . المصدر: الخليج 20/7/2014