أسوأ ما ظل يطلقه البعض و يتعمد إشاعته عن الانتخابات السودانية هو الحديث - غير المثبت- عن التزوير. و لسنا هنا بطبيعة الحال بغرض إستلاف لسان المفوضية للدفاع عنها ، فنحن حين ندافع عن هذه العملية الانتخابية غير المسبوقة دولياً باعتراف العالم بأسره، إنما ندافع عن افضل وسيلة عرفتها الانسانية لتداول السلمي للسلطة ،وهذا بدروه يقودنا الى التأكيد على أن الدفاع عن العلمية هدفه دفاع عن بنيان سوداني قيد الانشاء يهم كافة السودانيين و ليس من المصلحة فى شئ التشكيك فيه ، أومحاولة هدمه لأن التشكيك و الهدم - كلاهما - يعيد انتاج الازمة و لا يعطي بدائلاً للحل. و ربما لهذا السبب – الذى رسخ فى وعي المراقبين الاجانب وأكدت عليه الولاياتالمتحدة بحديثها عن رضائها عن ما تم من اجراءات – علينا ان نقر بعدة أمور مهمة : أولا الذين تحدثوا عن تزوير لم يتحدثوا عن شكاوي (مثبة و مدعمة بأدلة وأسانيد) قدموها للنيابة المختصة و للقضاء ليفصل فيها ،إذ ان هناك نيابات عامة و محاكم مختصة في هذا الصدد و لديها صلاحيات الفصل ايجازياً و على وجه السرعة فى هذه الادعاءات ولهذا فان أى حديث عن تزوير ينبغي ان يكون مسنوداً بقرار قضائي و لا يصلح التعميم هنا . ثانيا التزوير نفسه الذى يجري الحديث عنه ما من شك انه صعب ان لم يكن مستحيل ،فنحن نري فى المراكز مراقبين و وكلاء مرشحين و صناديق لها مواصفات بعينها و لدينا بطاقات بأرقام متسلسلة و سلسلة مطولة من الضمانات المتعارف عليها دولياً ،وهذا ما يجعل من علمية التزوير فى اجراءات عمليات الاقتراع ضرب من المستحيل . صحيح ان هناك اخطاء وارتباكات حدثت سواء في البطاقات وأنواعها أو فى سقوط الاسماء ،و لكن لم تثبت اى حالة قام فيها شخص بانتحال صفة شخص أو تم ضبط اشخاص يتلاعبون بالبطاقات . ثالثاً حرصت كل المنظمات التي شاركت فى المراقبة على التأكيد ان طبيعة العملية الانتخابية و ضخامة عدد الناخبين و طول عهد السودانيين بالعلمية نفسها ، كلها أمور ينبغي وضعها فى الحسبان عند قراءة مجريات العملية ، فالتجربة تحت مجهر تقييم العالم ومن المهم انتظار تقارير هذه المنظمات مهما كانت الاستفادة منها مستقبلاً ، و على ذلك أردنا القول ان الدفاع هنا منصب على العملية نفسها من حيث هى عملية انتخابية كبيرة لا تصلح اى عملية سبقتها من قبل فى السودان للقياس عليها أو مقارنتها بها ، كما انها العملية التى سوف تتأسس عليها العملية الانتخابية المقبلة ،إذ من المؤكد ان هذه ليست آخر عملية انتخابية يشهدها السودان ،ومن المؤكد ايضاً ان ما هو سالب وما هو ايجابي فيها سوف يفيد كثيراً فى تطوير العمليات الانتخابية المقبلة وهى الطريقة الوحيدة التى ارتقت و تطورت عبرها العملية الديمقراطية بمختلف بلدان العالم . لهذا فان إشاعة الاوصاف السالبة عن هذه العملية و التقليل من شأنها هو محض سلوك غير حضاري و غير موضوعي ،و الذين يركزون عليه و يصرون على ذلك إنما يبحثون عن مدينة فاضلة ليست موجودة بحال من الاحوال فى كوكب الارض الذى نعيش فيه .