لم تختلف نتائج القمة الإفريقية الرابعة والعشرين عن القمم السابقة في قراراتها، وباستثناء إعلانها تشكيل قوة دولية إلى نيجيريا لمحاربة جماعة "بوكو حرام"، كانت التوصيات الأخرى المتعلقة بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية شكلية وروتينية، ولم تحدث الرجة المطلوبة لمواجهة تحديات المرحلة، أما القضايا السياسية فيبدو أنها ظلت على الهامش وستظل أسوأ في العام المقبل بعد اختيار القيادة الجديدة للاتحاد . رئيس القمة الجديد هو رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الذي يحتفظ بعلاقات صدامية مع الغرب، وباعتبار منصبه الرمزي، فسيكون سفير الاتحاد الإفريقي إلى العالم على مدى العام المقبل، وليس واضحاً كيف سيقوم بدوره هذا وهو الممنوع من السفر منذ 2002 بموجب عقوبات لاتهامه بالديكتاتورية والفساد وقمع المعارضة، أي إن الصوت الإفريقي في المحافل الدولية سيكون غائباً، أما إذا حضر فلن يسمعه أحد . وبالضرورة فإن المواقف الدولية من رئيس القمة ستنعكس على القارة ذاتها، فالزعماء الأفارقة وعددهم يقارب الخمسين ليسوا على كلمة واحدة، ولا تقوم بين أغلبهم علاقات حسن جوار وأغلبهم يدين بالولاء لقوى غربية أكثر من الولاء لإفريقيا وأزماتها المستعصية . وبالتزامن مع بدء الانتقادات لاختيار رئيس الاتحاد الجديد، شرعت الأصوات تتعالى مؤكدة أن موغابي ليس رجل هذا العهد، فهو أكبر رئيس في العالم بواحد وتسعين عاماً . وبعض الدبلوماسيين استنكروا الصدفة التعيسة التي فرضها قانون التناوب بتولي زيمبابوي رئاسة الاتحاد الإفريقي بعد موريتانيا . المرجح أن الدول الغربية ومنها الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ستضغط كل منها على حلفائها الأفارقة بعدم التعامل مع موغابي وتهميشه، بينما ستقوم القوى الدولية في الضفة المقابلة بدعم موغابي وستستقبله وتوطد العلاقة به نكاية في الغرب وليس حباً فيه . وسينعكس هذا التجاذب على وحدة الموقف الافريقي الذي سيعرف أشد عهوده ضعفاً وتشتتاً . وعلى سبيل المثال فإن الإعلام الغربي أسهب في الحديث عن مثالب موغابي والخطأ في اختياره، أكثر من الاهتمام بالقمة في حد ذاتها، وهذا الانزعاج يؤكد أن السنة الإفريقية الجديدة ستكون جافة وستشهد أدنى مستوى للتنسيق الأفريقي سواء بشأن قضايا إقليمية أو في مواجهة هيمنة قوى لم تكن في يوم من الأيام صديقة لإفريقيا، بل سببت لها آلاماً وزرعت فيها بذور التخلف والجهل والأمراض ولم تمدها بوسائل الوقاية . حين اجتاحت "إيبولا" غربي القارة الأفريقية تبين أن مساهمة كوبا في إغاثة المنطقة الموبوءة بالأطباء أكبر من المساهمة الأمريكية والأوروبية، وكوبا ليست قوة عظمى، ولا تملك أجندة للهيمنة في إفريقيا ولكنها فعلت ذلك بمقتضى التراحم الإنساني . ولا يعود عدم استقطاب المساعدات من الغرب إلى مواقف دوله فحسب، وإنما يتعلق أيضاً بفشل الدبلوماسية الإفريقية سواء عبر مؤسسات الاتحاد أو عبر الحكومات القطرية . ورغم بعض معالم النهوض، ظلت الدبلوماسية الإفريقية الأكثر تخلفاً في العالم، وخسرت تقريباً أغلب المعارك التي خاضتها ضد الشركاء الدوليين . وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تنتعش الدبلوماسية الجماعية، يبدو أن ذلك لن يتحقق في عهد موغابي لأسباب تتعلق به وأخرى لها علاقة بالسياسات الإفريقية وثالثة في مواقف القوى الأجنبية الفاعلة . المصدر: الخليج 2/2/2015م