والناس حول نتيجة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لا زالوا طرائق قدداً، بين قادح ومادح، ومشارك ومقاطع، حتى جاءتهم نتائج الانتخابات البريطانية التي نتخذها عجلاً له خوار، ومرجعاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من خواجة عنيد، وبالنظر لما أسفرت عنه الانتخابات البريطانية، نجد أن الدعوة لإصلاح النظام الانتخابي البريطاني والتي تتبناها بعض الأحزاب هناك، قد آن أوانها، فالمحصلة النهائية قد أفرزت مفارقات غير عادلة البتة ولا يمكن أن يقبلها الوجدان السليم، إلا أن أكثر البلاد عراقة في النظام الديمقراطي الحزبي، وأكثرها تمسكاً بالتقاليد، ستواصل العمل بهذا النظام المعيب، ديمقراطية ويستمنستر، حتى يقيض اله لها من يسعفها بنظام بديل يحق لها العدالة المطلوبة، وستظل الانتخابات هي الوسيلة المعتمدة (لتمكين الأقلية من حكم الأغلبية) على الدوام، المحافظون نالوا 331 مقعداً، وصوت لصالحهم 11.292.180 ناخباً، والعمال نالوا 232 مقعداً وصوت لصالحهم 9.322.175ناخباً هذا الفرق الكبير في عدد المقاعد بين المحافظين والعمال (99) مقعداً، لم تصاحبه إلا زيادة 700.000 صوت عن انتخابات 2010م بنسبة لم تتجاوز 0.7% لصالح المحافظين مع ملاحظة أن نسبة الناخبين المشاركين زادت من 60% عام 2010م، إلى 66% لهذا العام، ولم يحصد حزب UKIP غير مقعد واحد، مع انه حصل على 3.841.346 صوتاً، بنسبة 12.6% بينما لم ينل الحزب الوطني الاسكتلندي غير 1.454.436 صوتاً بنسبة 4.8% لكنه أحرز 56 مقعداً!! بينما نجد الديمقراطيين الأحرار قد حازوا على نسبة 7.8% من الأصوات التي بلغ عددها 3.359.368 صوتاً أهلتهم لشغل 8 مقاعد في البرلمان بينما كانت حصتهم في السابق 47 مقعداً. وبالقراءة المتأنية لنتائج الانتخابات عندنا، يتبين أن هناك تدنياً في نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع، مما دعا البعض إلى إمعان النظر في النظام الحزبي القائم على نظرية الصراع، إلى نظام أمثل يجنح إلى تقليص دور الأحزاب، المتراجع أصلاً، في الحياة العامة، والعدد الكبير من النواب المستقلين، أو بالأحرى، غير المنتمين حزبياً على مستوى البرلمان أو المجالس التشريعية في الولايات إلى جانب عزوف معظم فئة الشباب عن المشاركة الفاعلة في الانتخابات، وهم يشكلون أكثر من ثلثي الذين يحق لهم التصويت، واضمحلال قواعد الأحزاب التقليدية ، وانحسار الاقتناع ببرامجها، مثلاً برنامج المحافظين ببريطانيا، هو معاداة الاتحاد الأوربي، وخصخصة الخدمات الطبية، وتقليص الخدمات الاجتماعية وبرنامج حزب المؤتمر الوطني هنا، هو تحقيق السلام وخفض قيمة قفة الملاح، وبذا نجد التباين بين اهتمامات الناخبين بين البلدين، مما يمنع عقد المقارنة بين انتخاباتنا وانتخاباتهم، وبين أحزابنا وأحزابهم، إذا لن يكون مفيداً أن نقارن بين وضعين مختلفين، ومن هنا جاء طرح د. الطيب إبراهيم من مركز التنوير المعرفي، بانتهاج طريق ثالث مخالفاً لنهجي المعارضة والحكومة معاً ومستنداً على أحد أهداف الإستراتيجية القومية الشاملة، في النظر في مستقبل الشعب ديناً وثقافة وأخلاقاً ومعاشاً، لإجراء الإصلاح السياسي الحزبي الحالي بقيام نظام بديل يقوم على القواعد الاجتماعية والكيانات المهنية، وكتلة المستقلين التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة كحقيقة ماثلة لها أبعادها السياسية والاجتماعية، وفي الحاضر والمستقبل، لنؤسس لنظام إسلامي معرفي بدلاً عن نظام الإسلام السياسي، بما يمكن أن نسميه (ديمقراطية ود حامد بدلاً من ديمقراطية يستمنستر) ويكون العلم هو المعيار الذي نتحاكم عليه، فتنشأ سلطة العلم. نقلا عن صحيفة الرأي العام 11/5/2015م