قالت السلطات السودانية أنها تمكنت مؤخراً من إلقاء القبض على الجناة المتهمين باغتيال الجنديين المصريين الجنسية اللذين كانا يعملان ضمن قوات حفظ السلام في دارفور (اليوناميد). اعلان القبض على الجناة ورد على لسان السيد عبد الحميد موسى كاشا، والي ولاية جنوب دارفور المنتخب، وبحسب الوالي فإن الجناة – حسب التحقيقات الأولية – ليسوا سوى قطاع طرق ولا ينتمون الى أي حركة مسلحة أو جهة سياسية بعينها. وتأتي الحادثة في هذا التوقيت كمؤشر واضح على وجود مخطط أو على الأقل محاولة لإعادة إشعال أزمة جديدة في دارفور في أعقاب هدوء واضح واستقرار شهدت به المنظمات الأجنبية المختلفة تعيشه دارفور وصل الى درجة نجاح عمليات الاقتراع ومرورها في منتصف ابريل الماضي دون وقوع أي حوادث تذكر، كما تأتي الحادثة في ظل تحذيرات أطلقها كبير مساعدي الرئيس السوداني ورئيس السلطة الانتقالية لاقليم دارفور أركو مني ميناوي من أن هنالك جهات تزمع العبث في اقليم دارفور لاعادته الى الحالة السابقة التي اتسمت بموجات عنف ومواجهات روج لها الإعلام الغربي لتصبح في صدارة اهتماماته. وما من شك أننا اذا نظرنا الى هذه المعطيات واضفنا لها الخطوة التي اتخذتها حركة د. خليل ابراهيم بتجميد التفاوض في الدوحة، ومحاولتها من ثم القيام بعمل ميداني يمنحها وزناً أكبر حسبما تعتقد، واطلاقها لاتهامات ضد الجيش السوداني لتجد ذريعة لتبرير هجماتها، فإننا بكل اطمئنان يمكن أن نخلص الى أن هنالك بالفعل (محاولات تجري على قدم وساق) لجر الاقليم الى فوضى ومواجهات تلفت الانظار مجدداً. فالدكتور خليل يعايش الآن أو يحاول التعايش مع حالتي فشل واحباط جراء الموقف الضعيف الذي وجد نفسه فيه، فلا هو بالقوة التي تمكنه من فعل شئ مؤثر على الارض، ولا هو قادر على فرض رؤاه السياسية في مفاوضات الدوحة في مواجهة حكومة منتخبة رسمياً لا يستطيع الطعن في شرعيتها ولا يستطيع التقليل من قيمتها السياسية كما كان يفعل في السابق، ويتخوف خليل أكثر من اتجاه الانظار اقليمياً ودولياً تلقاء الجنوب السوداني الذي ستجري فيه عملية تقرير مصير مفصلية يتحدد بعدها مصير السودان وما اذا كان سيظل دولة موحدة أم سينقسم الى دولتين. لهذا كله فإن التصعيد في دارفور وارد ولكن – لسوء حظ د. خليل – فإن استهداف قوات حفظ السلام جعل المجتمع الدولي يمتعض من ما يجري في دارفور ومن المؤكد أن اعتراف المجتمع الدولي بشرعية السلطة القائمة سوف يجعل من الحركات الدارفورية المسلحة كافة موضعاً للنقد وربما يعرضها لمساءلة جنائية دولية. كما أن بروز حالات اغتيال كهذه من جانب متفلتين سوف يمنح السلطة السودانية ومعها قوات اليوناميد مساحة أرحب وصلاحيات أقوى لمواجهة هذه التفلتات الشئ الذي يضعف تماماً من قدرات الحركات المسلحة على الحركة!!