دافعت القيادة التركية عن الرئيس السوداني المشير البشير في مواجهة مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من الجنائية الدولية في الرابع من مارس (آذار) الماضي. دفاع تركيا عن البشير جاء علي غير انتظار, إذ لم تقف تركيا من قبل موقفا ايجابيا أو سلبيا بشأن الجنائية ولزمت الصمت طوال الفترة الماضية, ويقول مصدر دبلوماسي تركي في أنقره, إن الأخيرة كانت تعلم أن الجنائية لا تخلو من انتقائية, ودلل المصدر بأن تقرير القاضي (غولدستون) الذي حقق في جرائم إسرائيل في حربها الأخيرة علي قطاع غزة ثارت حوله خلافات من جانب دول الاتحاد الأوروبي وهو أمر ما كان ليحدث لو كان المقصد هو تحقيق العدالة. وقد انبري رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مدافعا عن توجيه بلاده للدعوة إلي الرئيس السوداني المشير البشير لحضور مؤتمر يحضره قادة المؤتمر الإسلامي بمدينة اسطنبول الاثنين الماضي الثامن نوفمبر الحالي. وهي دعوة وصلت بالفعل إلي الرئيس البشير وأعلن عن موافقته وقبوله لها, غير أن الرئيس البشير الذي كانت تشغله خلافات ثارت بين حزبه وحزب الحركة الشعبية في الخرطوم اضطر للاعتذار للرئيس التركي عن حضور القمة نظرا لأهمية حضوره الفوري إلي الخرطوم للدفع بمحادثات جرت بين الحركة والمؤتمر الوطني لحل القضايا الخلافية التي هددت علي نحو واضح مسيرة الشراكة. وقال رئيس الوزراء التركي أردوغان ضمن حيثيات دفاعه عن بلاده في قبولها استضافة الرئيس البشير رغم صدور مذكرة توقيف بحقه انه يؤمن إيمانا قاطعا ببراءة الرئيس السوداني من تهمة تنسيق إبادة جماعية في دارفور مضيفا إن أي مسلم لا يمكنه أن يفعل ذلك وأشار أودوغان إلي أنه زار من قبل (في العام 2006) إقليم دارفور ووقف علي الأوضاع علي الأرض, وانه من خلال ما رأي وسمع لم يلحظ وقوع إبادة جماعية, أو وأي من الجرائم التي ادعي بها مدعي عام الجنائية الدولية. وما من شك أن هذا الموقف التركي جاء علي غير انتظار خاصة وأن أنقره وفي إطار سعيها الحثيث للانضمام إلي الاتحاد الأوروبي تعرضت لضغوط ولا تزال تتعرض لها لكي تتعاون مع الاتحاد الأوروبي في كل ما يطلبه منها, ويكشف هذا الموقف التركي عن ما يمكن وصفه بصلابة القيادة التركية التي وان كانت تسعي للالتحاق بالغرب لمصالح تخصها إلا أنها في ذات الوقت نبدي حرصا بالغاً علي مراعاة مصالحها الإسلامية ومصالح دول المنطقة. ومن المؤكد أن هذا الموقف التركي- مجردا من أي ظلال – أضاف بعداً جيداً لقضية السودان العادلة إزاء الجنائية الدولية, إذ ليس سهلاً أن ينال السودان دعم دولة تعتبر جسراً بين قارتين ولها وضعها الإقليمي والدولي في شأن استراتيجي كهذا في ظل ظروف كهذه وهو ما يتطلب أن ينتهج السودان نهجاً سياسياً ايجابياً حيال هذه الدولة التي اتخذت موقفاً زاد من رصيدها الإقليمي وأظهرها بمظهر فريد يستحق الإعجاب.