امتلأت قاعة منتجع الاسكلا وفاضت عن جنباتها بقادة الإعلام والصحافة وكتاب الأعمدة والرأي ومراسلي القنوات الفضائية، ليشاركوا في صالون الحوار الوطني الذي نظمته دائرة الصحافة بأمانة الإعلام بالمؤتمر الوطني، وفي المقابل جلس على المنصة حامد ممتاز – أمين الأمانة السياسية بالمؤتمر الوطني وعضو آلية (7+7) – وفضل الله شعيب رئيس حزب الفيدرالية وكمال عمر – الأمين السياسي بحزب المؤتمر الشعبي.. وهي فكرة جيدة إن يلتقي قادة السياسة بقادة الإعلام والصحافة، للتفاكر حول قضايا الوطن، سيما إن القضية التي أثيرت هي الحوار الوطني الذي يمثل صمام الأمان للبلاد وللشعب السوداني، استحسان فكرة الصالون كونها أتاحت فرصة للإعلام والصحافة على وجه الخصوص إن يشارك بالرأي في قضايا مهمة وفي صناعة الاستراتيجيات الوطنية، فهو بذا يكون قد خرج من خانة النقل والبث إلى ساحة المشاركة وصناعة الحدث.. ويبد إن الفكرة (فكرة تفاكر السياسيين مع الإعلاميين) قد أتت أكلها وأدت غرضها، فقد وجد (الصالون) نقاشاً (حاراً) وتفاعلاً (ساخناً) بين منصة السياسيين والإعلاميين كان أشبه بحوار المكاشفة وربما المناصحة، وأعطى لوحة واضحة لما ينبغي إن يكون عليه الحال ما بعد الحوار.. وكان حديث المتحدثين (ثلاثتهم) في شبه إجماع على إن أهمية الاعتذار للشعب السوداني لما وجده من ضنك وشظف العيش وفشل في إدارة الشأن السياسي السوداني ينبغي أن تتحمله كل الحكومات منذ ما بعد الاستقلال، وهو أمر اثار حفيظة البعض، فبعضهم استهجنه لان القضية ليست قضية اعتذار بقدر ما انها فرصة للتحاور والنقاش الهادف لإنجاح الحوار الوطني كمخرج ينبغي إن يجمع عليه كل قادة الأحزاب السياسية والحركات المسلحة خاصة بعد إعلان العفو عنها وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف إطلاق النار لمدة شهرين.. ينبغي الخروج من نفق الاشتراطات التي لا تفيد بل تعيق، فان كان لهذه الأحزاب مطالبات أو شروط عليها إن تطرح ذلك في جلسات الحوار الوطني، ليجد النقاش الكافي من كل القطاعات المشاركة، سواء أكانت سياسية أو شخصيات قومية أو ممثلين للمجتمع، فالكل سيدلي برأيه فيما تطرحه هذه الأحزاب، ليخرج الرأي بإجماع كل (سياسي ومجتمعي) وهو كفيل بان يضع الحلول لازمات البلاد. وهذا أفضل من إن تتمترس هذه الأحزاب عند مواقفها (الصلبة)، تطالب إن تحقق لها الحكومة مطالبها دون النظر إلى ما يتبع ذلك من سلبيات وإسقاطات ربما يتضرر منها الشعب السوداني نفسه.. لذا فان إقامة مثل هذه اللقاءات (لقاء السياسيين بالإعلاميين) مهمة في هذا التوقيت، لإزالة الغبش والضبابية التي تكسو مواقف بعض الأحزاب حول الشأن السوداني، فمن المهم إن يجري صالون دائرة الصحافة لقاء آخر بين الإعلاميين والأحزاب الممانعة التي ترفض المشاركة في الحوار، للنقاش حول فكرتها وعلى أي أساس بنتها.. وهل الأفضل للوطن إن تتشاكس الأحزاب خارج اطر الحوارات والمفاكرة وتضع المتاريس أمام انطلاقة حوار ارتضت جل الأحزاب السياسية وبعض الحركات المسلحة والمجتمع السوداني إن يكون نافذة للنقاش والتفاكر، وآلية للخروج من أزمات صارت أشبه بالمستعصية جراء التعنت والمناكفات بين أبناء الوطن الواحد، أم الأفضل إن تضع هذه الأحزاب (الكورة واطة) وتأتي ليستمع لها الكل ويصل إلى منطقة وسطي يجتمع حولها الجميع؟ عموما من المتوقع إن تحقق اللقاءات التي يقيمها صالون دائرة الصحافة، نجاحات يستطيع عبرها إن ينجز اختراقات على اطر مختلفة، تقرب الشقة بين القوى السياسية ويمتد الأمر إلى الحركات المسلحة التي هي الأخرى تقدم رجلاً وتؤخر أخرى فيما يخص مشاركتها في الحوار الوطني، وهي الأضعف والأقل تأثيراً على الواقع الراهن، بينما تحاول إن توجد لها قوة وتأثيراً ولو بإيهام الآخرين أنها لازالت حية ترزق!! الصالون سيكون منبراً حراً للإعلاميين والصحافيين قادة ومحررين أو هكذا ينبغي إن يكون، حتى يكون لهم بصمة بارزة وتوقيع (باين) على دفتر استراتيجيات قضايا الوطن السياسية والاقتصادية والإنمائية، فقد ولي زمن أن يكون الصحفي ناقلاً للأحداث أو معلقاً عليها، فالأيام القادمات على ما أظن ستكون حبلي باللقاءات المتواصلة بين السياسة والإعلام حتى يصل الحوار الوطني إلى مبتغاه وأهدافه المنتظرة. نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 2015/10/8م