الدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور يحط (ضيفاً إجتماعياً)، وليس (سياسياً) على الزعيم القذافي ريثما (يتدبر) له القائد الأممي (ممراً آمناً) يمكّنه من العودة الى دارفور!!، القذافي من جانبه يضع (زائره التائه) بين خيارين : التفاوض في الدوحة لانهاء الأزمة في دارفور، أو السفر الى أوروبا! هذا المشهد – لمفارقات القدر وضحكات الحياة وتقلباتها – هو مشهد حركة د. خليل التي وبالضبط قبل نحو من عامين – في ذات شهر مايو الجاري من العام 2008 – كانت تتباهى أمام شاشات الفضائيات والتلفزة بأن (لديها ذراعاً طويلة) وأنها تملك جيشاً جراراً اخترقت به حصون الخرطوم! وأنها – وهذا مكمن الأمر المضحك حقاً – عائدة لا محالة بجيش أكبر لتغيير المعادلة السياسية في الخرطوم. الدكتور خليل الآن أصبح (مجرد لاجئي يلبس ثياباً مدنية ولا يتمنطق حتى مسدساً، ولا يصحبه حرس، ولا حملة سلاح، يحتمي بالجارة الجماهيرية ويستمع في (وقار) الى نصح القائد القذافي. وبالبطع الموقف مخزي ومؤلم، ولكن كان من المحتم أن يرد خليل هذا المورد المهلك، فقد رفض وتعنت كل التعنت في القبول بالتفاوض، في وقت كان بامكانه فيه أن يحرز الكثير مما فاته تماماً الآن، وبنى خليل – بسوء تقدير منقطع النظير – كل آماله وأحلامه على بضع عشرات من الصبية الصغار ينتزعهم انتزاعاً من معسكرات اللاجئين الدارفوريين في تشاد ويجتهد في اغراء بعضهم من الحواري والأسواق ثم يدفع بهم في أتون المحرقة ليهلك من هلك ويؤسر من يؤسر. إن اسوأ ما يطارد د. خليل الآن من جرائم أنه أهلك مئات الصبية والأطفال في هجماته الإرهابية وقد أقرّ العشرات من قادته الميدانيين أنه عمل على تجنيد أطفال وصبية يصعب إحصاؤهم في الفترة من العام 2005 وحتى الآن. وتشير مضابط لدى المستشارية القانونية للحركة نفسها الى أن عدد الأطفال الذين جندهم خليل في هذه الفترة يصل الى حوالي ال(850) طفلاً لم يبلغوا الثامنة عشرة من عمرهم! والأمر المؤسف أن ثلثي هذا العدد هم الآن بين قتيل أو مفقود لا تعرف له وجهة. رجل بهذه النزعة الاجرامية وهذه القسوة الشديدة من الطبيعي أن يؤول مصيره الى ما آل اليه، ويشير مصدر دبلوماسي غربي في العاصمة التشادية أنجمينا ومن دولة وثيقة الصلة بتشاد الى أن بلاده ظلت وباستمرار ترفض قيام خليل بتجنيد أطفال واستخدامهم كوقود في هجماته وإنها سبق وأن حذرته عشرات المرات من مغبة هذا السلوك ولكنه لم ينتصح على حد تعبيره. وتشير تقارير في العاصمة الفرنسية باريس الى أن السلطات الفرنسية (تجد صعوبة) في ايواء خليل جراء ما وصفته بوجود (سجل حافل) للرجل باستهدافه واستخدامه للاطفال في حروبه وأن باريس تخشى ثورة بعض المنظمات الحقوقية ضد الرجل اذا حصل على حق في اللجوء الى فرنسا. وهكذا – قبل عامين – كان د. خليل بطلاً حاول الاستيلاء على الخرطوم بعد أن قطع قرابة ال(1500) ميل، والآن د. خليل نفسه يبحث عمن يقبل بايوائه كفيف (مهذب) يقبل كل شروط الضيافة ويرتضي النصح والارشاد!! ويا لها من مفارقة!