*اجندة لقاء نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن بقائد الحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب، كانت أجندة انفصالية معروفة. * وان لم تكن معروفة .. فان السيد باقان لم يكن ليترك مثل هذا اللقاء يمر بسرية تامة ... ولديه أكثر من سبب. * ورغم أن انجلينا تينج، زوجة د. رياك مشار، والمرشحة المستقلة بولاية الوحدة حاولت تعميم تفسير آخر للقاء الاثنين، الا أن التوجه الأخيرة لواشنطن كان يدعم التفسير الباقاني لعقد للقاء واستمراره لفترة أطول من المخطط له. * هذا (كوم) ... ولقاء بايدن بالقيادة المصرية بشرم الشيخ كان (كوم) آخر ... من حيث الأجندة وخارطة الطريق. * لقد رشحت أسرار بأن بايدن طلب من القيادة المصرية تسويق الدولة الجديدة عربياً. * ورغم أن مصر الرسمية كانت تريد إيصال رسالة واضحة لبايدن مفادها انها لن تقبل بقيام دولة جديدة في منابع النيل تهدد مصالحها .. أكثر مما هي مهددة الآن. * الا أن بايدن استبقها وتعجل بهذا الطلب الأمريكي كأنما يقول لهم ان الولاياتالمتحدة قد حسمت مسألة قيام هذه دولة.. وأن ما تبقي من ذلك لا يعدو أن يكون عملاً إجرائياً. * بايدن واصل أكثر فطلب من القاهرة تسويق تأييد دخول وانضمام الدولة الجديدة لجامعة الدول العربية، وحشد دعم عربي لهذا الأمر. * وربما أوحي بايدن لمصر الزعم بأن الكيان الجديد كان جزءاً من دولة فاعلة في جسد الجامعة العربية، وان الجامعة لها وجود ومصالح في الجنوب لا يمكن الاستهانة بهما، بالإضافة إلى أهمية احتضان الجامعة للكيان الجديد بدلاً من احتضانها من قبل أوساط أخرى لا يرضي عنها العرب. * وطلب الانضمام للجامعة العربية قد يبدو في البداية طلباً غريباً من حركة متهمة بمعاداة الثقافة العربية... وتعمل على تغويضها على الأقل بالجنوب بعد أن فشلت في تعويضها في السودان كلمه... السودان القديم. * وأقوي علامات ذلك التغويض هو اعتماد مناهج كينية ويوغندية في المدارس الجنوبية، بديلاً للمناهج الشمالية.. العربية. * لكن قليلاً من التروى يوضح الإستراتيجية الموضوعية بعناية خلف هذا الطلب. * فليس من مصلحة الدولة الجديدة الانسحاب كلية من الفضاءات التي تتحرك فيها دولة الشمال، سواء كانت إقليمية مثل الجامعة العربية أو الاتحاد الإفريقي أو عالمية مثل الأممالمتحدة ومنظمات التمويل العالمية (كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي). * كما أن انضمام دولة (البحيرات) الجديدة للجامعة العربية يسهل عمليات التنسيق مع المواعين والآليات المالية العربية للاستثمار في الجنوب ... والاستثمار يعود بالفائدة للطرفين. * فاذا استطاعت مصر حشد التأييد لإدخال دولة (البحيرات) في المنظومة العربية تكون قد تجاوزت مرحلة الاعتراف إلى مسائل إجرائية أخرى .. فتكسب الدولة الجديدة اعترافاً بها من 22 دولة.. هي الدول الأعضاء في الجامعة العربية .. ((22 عصفوراً بحجر واحد). *سيكون من قصر النظر أن يفسر السودانيون هذا الدور المصري بأنه (خيانة لوحدة السودان) فالانفصال لم يأت عن طريق السلاح، بل هو حق منحه الشماليون لإخوانهم الجنوبيون .. حق رضيت به كل أحزاب السودان. *وان كان من سؤال غامض حول هذه الصفقة السياسية فهو ما الذي ستحصل عليه مصر من الولاياتالمتحدة نظير تسويق دولة البحيرات عربياً؟؟؟. نقلاً عن صحيفة التيار 17/6/2010م