استقبلته سوزان رايس المسيو فاقان أموم استقبال الغزاة الفاتحين ومنحت له فرصة حضور جلسة مجلس الأمن من مقاعد الصحفيين.. وهذا تصرف نحتج ونستنكره لأن فاقان وهو في نظر الأمريكان واليهود من كبار ضيوف البيت الأبيض ولا ينبغي عليه أن يجلس على مقاعد الصحفيين ورجال الإعلام الذين من شأنهم أن يقوموا بتغطية هذه الزيارة المشهودة والتاريخية والتي لم ينلها رئيس دولته الذي انتخبه الجماهير على رؤوس الإشهاد بما يشبه الإجماع لتأكيد سلوكه الحضاري وإيمانه ونقاء سريرته وعرفاناً لما قدمه لبلاده ولشعبه من نقلة حضارية في حياته ومعاشه ومكانة بلاده التي حاولت ذات الصهيونية اليهودية الإمبريالية أن تدمرها بالصواريخ والحصار السياسي والإعلامي والقانوني والاقتصادي وتشجيع الخوارج وقطاع الطرق ضد الشعب والدولة المنتخبة. نحن لا يهمنا مثل هذه المكايدة والتآمر الفاضح لأننا شعب متحضر ولسنا تجمعات مجرمين ولصوص وقطاع طرق.. اتفاقية السلام واضحة ووقعنا عليها نحن الشعب السوداني بإرادتنا الحرة وأوقفنا نزيف الدم الذي عجزت العديد من الحكومات الوطنية منذ نصف قرن ويزيد عن إيقافه.. واليوم الحركة تحكم الجنوب سواء بإرادة أهل الجنوب جميعاً أم لا.. وأوفت الحكومة ( حكومة الوحدة الوطنية) المكونة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأحزاب أخرى بكل مطلوبات اتفاقية السلام الشامل بنسبة تفوق التسعين بالمائة وتعمل على (جعل الوحدة جاذبة) خلال ما تبقى من زمن لإجراء الاستفتاء بعد استكمال كافة بنود الاتفاقية مثل ترسيم الحدود وحل الخلافات المتبقية لأنها ليست بأصعب مما سبقتها من تعقيدات وتداخلات. وإذا كان هناك من تسبب في تعكير الأجواء السياسية والعلاقة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فإن باقان أمون وياسر عرمان المرتبطين بالحزب غير الجماهيري الذي قفز على السلطة قبل ثلاثة عقود ولقي عقابه الذي يستحقه بجانب معاقبة الشعب السوداني الذي لا يتوافق معه طوال فترة الحكومات الديمقراطية التي مرت بالبلاد وهذان الشخصان هما اللذان ظلا وعلى الدوام يبثان مسموم الحديث وعرقلة تنفيذ الاتفاقية وتعطيل مسارها وهما اللذان ينقلان للقوى الشريرة في أمريكا والمعلومات غير الدقيقة ويحثانها على عدم تطبيع العلاقات مع السودان.. هما ضالعان في مشكلة دارفور منذ يومها الأول.. واليوم يقول باقان بأنه أخذ ضمانات من أعضاء مجلس الأمن الدولي للاعتراف بالدولة الجديدة التي هي ( جنوب السودان) أو أي مسمى آخر غير ذلك إذا ما صوت أهل الجنوب لصالح الانفصال ولما سئل عما إذا جاءت نتيجة الاستفتاء لصالح الوحدة (قالها من قبيل تمرير السؤال) قال أيضاً سوف نطالب دعم هذه القوى العظمى.. ونسى أو تناسى أموم والذين يتبعونه من الداعيين للانفصال أو الاستقلال أن الدستور الانتقالي يعطي الموقعين على الاتفاقية تأجيل الاستفتاء أذا لم يسعف الوقت لتحقيق ذلك في أجواء آمنة ومستقرة وفي ظل سلام دائم وحتى تأتي نتيجة التصويت سليمة ومعبرة عن إرادة جماهيرية حرة ونزيهة وشفافة في ظل رقابة محلية وإقليمية ودولية فمن حق الشريكين الاتفاق على تأجيلها تماماً كما تم تأجيل الانتخابات العامة .. وليعلم فاقان ورفقاؤه أن الحكومة والشعب السوداني كله ملتزم بنتيجة الاستفتاء فإذا جاءت لصالح الوحدة فبها وإذا جاءت لصالح الانفصال فسوف نعترف بالدولة الجديدة ونقدم لها يد العون والمساعدة وستكون كل خبراتنا في الإدارة والخدمة العامة تحت تصرف المسؤولين عن الجنوب وسيكون السودان الكبير العظيم أول المعترفين بها. وسيبكم من حكاية أمريكا وإسرائيل والاستعمار قديمه وجديده. وإذا لم نعترف نحن بنتيجة الاستفتاء فلن يفيد باقان أي شكل من أشكال الاعتراف.. لأن أمريكا وإسرائيل سعتا بكل إمكانياتهما لهزيمة الشعب السوداني في حرب الجنوب فلم يحققا شيئاً.. لم ينتصر باقان وجيشه بكل الدعم العسكري والمادي والسياسي الدولي والإقليمي وكل أشكال التآمر على القوات المسلحة السودانية وقوات الدفاع الشعبي.. إذن يبقى على باقان الرهان على نزاهة الاستفتاء وتوفير المناخ الآمن للمواطنين لكي يكون الخيار حقيقياً لا زائفاً ولا تحت الإرهاب والترهيب.. وإذا انفصل الجنوب عن الشمال فسوف يزيد عدد دول حوض النيل من تسع إلى عشر دول وربما تكون الدولة الجديدة المدعومة من إسرائيل وأمريكا أكثر شراسة من دولة موسيفيني والأخرى التي طاف عليها ليبرمان وزير خارجية إسرائيل.. وإذا انفصل الجنوب فإن أوغندا أول الخاسرين رغم ضخامة الاستثمارات من جنوب السودان في المدن الأوغندية وستعاني كينيا والكونغو وأثيوبيا من ذات المشكلات.. إذن الأمر لن يقف بالسودان وحده فهناك بؤر وبراكين ساكنة سوف تنفجر في إقليم أوزو وسيثور النوبيون الذين يشعرون بالكثير من الغبن والتهميش.. إذن نكون وحدنا في خندق الانشقاقات فالمنطقة كلها موعودة إذا لم يتدارك البعض ما هم فيه من غفلة وانغماس في حبائل المؤامرات على السودان.. اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد. المصدر: الشرق 24/6/2010