تبقت أشهر قليلة لمواعيد إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان المقرر في يناير 2011م حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام الموقعة بين طرفي نيفاشا عام 2005م، وقد بدأ الآن جدل كثيف حول ترتيبات الاستفتاء وقضايا ما قبل وما بعد الاستفتاء، لم تحسم اجتماعات الشريكين هذه القضايا الشائكة والمعقدة مثل ترسيم الحدود والبترول والديون الخارجية ، والتي أرجئت إلى اجتماع الشريكين الذي يتوقع عقده الأسبوع القادم بالخرطوم. وكان البرلمان قد أقر المفوضية التي ستشرف على استفتاء مصير الجنوب المقرر بداية العام المقبل، وتم تشكيل أعضاء اللجنة التي ستشرف على إجراء استفتاء بشأن استقلال جنوب السودان المقرر في يناير المقبل. وتقرر تعيين رئيساً للمفوضية التي ستشرف على استفتاء تقرير المصير للجنوب السوداني والسيد شان ريج مادوت نائباً له. وتضم المفوضية في عضويتها سبع شخصيات أخرى وهم: الدكتور سعاد إبراهيم عيسي، والسيد دينق الور، والفريق ركن كمال على محمد صالح، ولوال سانج، والفريق طارق عثمان الطاهر الشيخ، وباولنيو واناويلا وسبت اليي. ويقول المراقبون ان مهمة مفوضية الاستفتاء ورئيسها محمد إبراهيم خليل لن تكون سهلة وستكون صعبة ومعقدة وفي الانتظار وتحتاج إلى خبرة ودراية ومواكبة حتى لا تقع في الأخطاء وتكرر سيناريو السلبيات الذي ارتكبته مفوضية الانتخابات السابقة بقيادة مولانا ابيل النير وحتى تنجح في الإشراف على ترتيبات الاستفتاء والذي يعتبر الحدث المهم المرتقب والقضية المصيرية التي ستواجه البلاد بعد اقل من 6اشهر. ويضيف هؤلاء المراقبين ان رئيس المفوضية محمد إبراهيم خليل سيكون أمام تحد وامتحان صعب. ويعتبر محمد إبراهيم خليل من الكفاءات القانونية المميزة في المجال القانوني والحقوقي والدستوري وهو أول عميد لكلية القانون في السودان وكان رئيساً للجمعية التأسيسية في عهد الديمقراطية الثالثة، حيث ترأس البرلمان في الفترة من أعوام 1986م إلى 1989م في عهد حكومة الصادق المهدي، وتبوا مناصب تنفيذية ودستورية عديدة حيث كان وزير للعدل والخارجية، ويتميز محمد إبراهيم خليل بالانضباط والصرامة ويقوم دائماً بتطبيق مواد القانون واللوائح بدقة ودراية حيث كان يدير مناقشات البرلمان في عهد الديمقراطية الثالثة بنجاح كبير حيث لفت الأنظار بقدرته الفائقة في حسم خلافات أعضاء البرلمان، ويتعين على خليل اجتياز كل التحديات والمطبات التي تبق الاستفتاء، ويقول المقربون من ابرهيم خليل أنه قوى الشخصية ومتماسك ويتمتع بخبرة سياسية وقانونية ونيابية ودستورية وتنفيذية، ويتسم بصفات ايجابية كثيرة أبرزها الهدوء والحكمة والعقلانية والتريث قبل إصدار القرار. وأوضح المفكر والخبر البروفيسور حسن مكي في حديث ل (السوداني) أهمية إقامة استفتاء شفاف وعادل، مشيراً الى حديث نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن الذي قال لرئيس الجنوب سلفاكير أنه اذا لم يتم استفتاء شفاف وعادل لن نعترف بنتائجه . وترى فيرونيك دو كيسير رئيسة المراقبين الاوربين بالاتحاد الأوربي أهمية التنظيم الدقيق لعملية الاستفتاء من جانب مفوضية الاستفتاء حتى لا تحدث أخطاء تربك العملية وتعتقد بان الوقت أصبح قصيراً ولا بد من الإسراع في بدء عمل المفوضية وان يقرروا ذلك في أقرب وقت ممكن. وفي هذا السياق أكد ل (السوداني) القيادي البارز بالحركة الشعبية ونائب رئيس البرلمان أتيم قرنق أهمية تنظيم الاستفتاء بصورة جيدة ومواكبة ودعا الى وقف الحملات وتجاوز المخاوف التي تشير إلى فرضية تزوير الاستفتاء على تقرير المصير في جنوب السودان. وعلى ذات الصعيد حث مراقبو التصويت بالاتحاد الأوربي لجنة الاستفتاء على العمل على وجه السرعة لضمان حسن تنظيم الاستفتاء المرتقب. وأشار الدكتور ابنيقو أكول الخبير بمركز دراسات السلام ل (السوداني) الى أن مهمة المفوضية ستكون صعبة باعتبار أن قضايا الاستفتاء شائكة ومعقدة. وقال رئيس كتلة الحركة الشعبية لتحرير السودان في البرلمان توماس واني في تصريح له أن اعتماد المفوضية يمثل خطوة مهمة في سبيل تقرير جنوب السودان لمصيره، وحث واني رئيس ونائب رئيس وأعضاء المفضية على العمل على استقلالية تامة ونزاهة في عمل المفوضية حتى يقرر الجنوبيون مصيرهم الذي يريدونه. ويعد تشكيل اللجنة جزءا من عدة خطوات طويلة لإجراء الاستفتاء، تشمل أيضاً تفاصيل لوجستية كثيرة لا يزال يتعين التصدي لها بحلول يناير. ويتعين على اللجنة الإشراف على تسجيل الناخبين وإعداد القوائم الانتخابية وهي مهمة صعبة . ويبدو أن الكرة أصبحت في ملعب طرفي نيفاشا وشريكي الحكم لنبذ الخلافات وإزالة كل التحديات والمصائب أمام الاستفتاء المرتقب من اجل تنفيذ بنود اتفاقية نيفاشا، وأن الفرصة ما زالت مواتية امام المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لإنجاح الاجتماع المقرر عقده الأسبوع القادم لمناقشة ترتيبات الاستفتاء وحلحلة قضاضا ما قبل وما بعد الاستفتاء واستكمال ما تم التوصل اليه في اجتماع ومفاوضات أديس ابابا حول تنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل وتجاوز الخلافات حول القضايا الشائكة. نقلاً عن صحيفة السوداني 4/7/2010م