قالت أحزاب مؤتمر جوبا أنها وبحلول الثلاثين من شهر نوفمبر الحالي سوف تقرر مجتمعة لا منفردة، ما اذا كانت ستخوض الاستحقاق الانتخابي المرتقب في السودان والمقرر له إبريل من العام المقبل 2010 أم أنها ستكتفي بمقاطعته. وأبانت الدكتورة مريم الصادق المهدي في مؤتمر صحفي منتصف الاسبوع الماضي أن قرار المشاركة أو المقاطعة سيجري اتخاذه من قبل هذه الأحزاب بحسب ما يتراءى لها من معطيات! وما من شك أن من صميم حقوق أي حزب القبول بدخول المعترك الانتخابي أو مقاطعته وهذا يُعد جوهر الممارسة الديمقراطية، ولكن بالمقابل فإن الحزب الذي يتردد ويقدم رجلاً ويؤخر أخرى في شأن سياسي واستراتيجي كشأن الانتخابات العامة هذا من المؤكد أنه يعاني إختلالاً إما من الناحية التنظيمية، أو أنه فقد قدراً من ثقته بجماهيره وبنفسه ويتخوّف من المغامرة، أو أن لديه شكوكاً حول نزاهة هذه الانتخابات، وفي كل هذه الأحوال أو أي احوال أخرى فإن الأمر لا يتم ربطه بما اذا كان سيخوض الانتخابات أم لا، وإنما الصحيح – ان كانت هذه الاحزاب واثقة من نفسها – هو أن تعمل على تهيئة المناخ من حولها – قدر استطاعتها – لتخوض المعركة الانتخابية اذ من الصعب أن نقبل عذر يتعلّق بعدم صلاحية المناخ العام لأن دور القوى السياسية قاطبة هو أن تعمل على اصلاح الواقع والمعاونة على تهيئة المناخ، غير أن الاعتقاد الخاطئ الذي يسود لدينا هنا في السودان وظل يعرقل الممارسة الديمقراطية أن القوى السياسية تعقد على (مقاعد المتفرجين) تنتظر من القوى الحاكمة أن تخطط لها الملعب، وتضع لها خطة اللعب التي تضمن لها الفوز واحراز الأهداف!! حتى اذا ما أحرزت نجاحاتها جاءت لتقعد على مقاعد السلطة! ان كل هذه القوى السياسية ظلت تدعي ولا تزال تدعي أن لديها جماهيرها الكاسحة وأن بإمكانها منفردة أو متحالفة اكتساح الانتخابات وازاحة القوى الحاكمة، لماذا اذن تتردد وتتخوف، لماذا ظلت تتوجس وهي تعلم منذ ما يجاوز الاربعة أعوام أن هنالك انتخابات مقبلة؟ لماذا لم تنشط وتعمل استعداداً لهذه المعركة الفاصلة التي انتظرتها طويلاً؟ ما من شك أن الأمر يبدأ وينتهي بطبيعة أوضاع هذه الأحزاب وما عانته من انقسامات، وفشل تنظيمي وعدم تحسب للمتغيرات السياسية، ونستطيع الجزم أن واحداً من أهم عناصر هذا التردد، والتخوّف هو انتظار المعجزات في زمن ولّت فيه الى غير رجعة هذه المعجزات!