اتفاقية نيفاشا لها شقان على مرحلتين المرحلة الأولى (ايقاف الحرب)، والمرحلة الثانية (تحقيق السلام) ومن خلال بنود الاتفاقية والكيفية التي تمت بها سيتبين لنا انها لا تؤدي الى الانفصال، بل الى اتفاق داخل إطار وحدة السودان، لأسباب جوهرية نستخلص منها سبعة محاور: أولاً: تمت هذه الاتفاقية بين الحكومة متمثلة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وبين الحركة الشعبية لتحرير (السودان) وليس لتحرير الجنوب. وقد وقع على هذا الاتفاق رئيس جمهورية (السودان) والراحل الدكتور جون قرنق بوصفه رئيسا للحركة الشعبية لتحرير (السودان)، وخلفه (سلفاكير ميارديت) رئيسا للحركة الشعبية لتحرير (السودان) حتى الآن. وهذا يوضح او نستخلص من هذه الاتفاقية انها تتمحور داخل (السودان) الموحد وليس المجزأ، لأن الطرفين يتماثلان داخل (السودان) كحكومة أو كحركة تحرير (السودان). ثانياً: تمت الاتفاقية بين متحاربين لايقاف الحرب بين متحاربين ليكونا شريكين في الحكم وهي المرحلة الأولى كما بينا.. أما المرحلة الثانية في (تحقيق السلام) لا يكون فقط بين شريكين في حكم، لأن المؤتمر الوطني لا يمثل كل الشمال، وكذلك لا تمثل الحركة الشعبية كل الجنوب. والسلام لا يتم بين حزبين فقط بل من خلال القوى السياسية الشمالية، والجنوبية تمثيلا لكل فئات المجتمع السوداني، فليس من حقهما - أي الشريكين ان يقررا مصير البلاد، أو تجزئة السودان. ثالثاً: هناك ثغرات وسلبيات كثيرة تكتنف الاتفاقية لم تحل حتى الآن بعد مضي الزمن المقرر لذلك فمازال الجنوب مدمرا بيئيا وانسانيا وفي حالة الانفصال بهذه الحالة سوف تظهر مشكلات كثيرة وكبيرة يصعب تلافيها خاصة المشكلة الامنية والمشكلة الاقتصادية والمشكلة الحدودية بل اسرية ناهيك عن حروب قد تندلع بين قبائل الجنوب مع ضعف الوعي السياسي في تحمل اعباء انفصال وبناء دولة. رابعاً: هناك نص خطير يقول «تقسيم الثروة والسلطة» وهو خطأ تاريخي واستراتيجي، فلا يحق لجيل من الأجيال المتعاقبة في تقسيم الثروة والسلطة، والصحيح هو «توزيع الثروة والمشاركة في السلطة» لأنها حركة اجيال متحركة ومتعاقبة فليس هذا الجيل هو نهاية التاريخ فلابد من اعطاء فرصة للاجيال القادمة لكي توزع الثروة بالعدالة وتشارك في السلطة ديمقراطياً بالتبادل السلمي للسلطة، والحكم هو حكم (بين) الناس وليس حكما (على) الناس، و الأجيال القادمة في غيب ولا يعلم الغيب الا الله. خامساً: الحرب أو بالاصح الحروب التي استمرت ودمرت نفسية الانسان خاصة الانسان الجنوبي (موقع الحروب) والضحايا كانوا من خيرة شباب السودان من كلا الطرفين فكان الدمار شاملا فلا تستطيع (حكومة الجنوب) الوليدة ان تحقق التنمية المرجوة. بدليل انه لم يحصل أي تغيير ملموس او مأمول، فلابد من تضافر الجهود الجنوبية مع الجهود الشمالية للبناء والتعمير والتنمية المستدامة. سادساً: والكل يعلم ان الحرب ليست بين الانسان الجنوبي والانسان الشمالي بدليل لجوء الاخوة الجنوبيين الى الشمال حيث لا يلجأ الناس لأعدائهم وقد انتشر الاخوة الجنوبيون من نملي وحتى وادي حلفا. كما ان الحرب ليست قبلية وليست دينية ايضا بوجود مسيحيين في جيش الشمال ووجود مسلمين في جيش الجنوب ووجود قادة جنوبيين في الشمال، وقادة شماليين في الجنوب. فقط هو تمرد على ظلم وبحث عن حق واستشراق لعدالة وتنمية متوازنة، ولهم الحق في هذا التمرد، فكان ايقاف الحرب مطلباً مشروعاً وضرورياً لتحقيق سلام وأمن ورخاء. لكل السودان واحداث سلام شامل وعادل. سابعاً: هذه الحروب والاقتتال غير المبرر في الجنوب وفي دارفور لها اجندة خارجية واخطاء تاريخية وداخلية لحكومات قبعت فوق صدر السودان جنوبه وشماله. وتنفيذ لأجندة صهيونية وانجلو امريكية لتمزيق وحدة السودان لموقع السودان الاستراتيجي وللخيرات المهملة على أرضه ومدفونة تحت ارضه من بترول نقي وذهب عروق ويورانيوم وزئبق أحمر، واراضي شاسعة ومعادن وثروة سمكية وحيوانية وزراعية. فالسودان من أغنى دول العالم وأفقرها حيث ندوس على الياقوت في بحثنا عن القوت والسودان يمثل افريقيا وهو قلب افريقيا النابض يمثل افريقيا العربية والزنجية. ويمكن تفصيل هذه المحاور في دراسات متأنية من خلال حوار هادف من أجل الشعب السوداني الصابر، لانقاذ السودان، فقد جاءت ثورة الانقاذ لانقاذ السودان من التفتيت والانهيار، فلا يمكن ان تكون نفس الثورة (الانقاذ) السبب في انهيار السودان، وان يكون الشريكان هما سبب ذلك الانهيار المرتقب. حتى لا يلعننا التاريخ وتلعننا الاجيال القادمة. هذا او الطوفان. اخيرا نقول ان مضمون رسالة نيفاشا هي رسالة وحدوية داخل إطار (السودان الموحد) لحكومات كنفدرالية لا مركزية اتحاد ولايات او اتحاد اقاليم (جنوبي، شمالي، شرقي، غربي، أوسط). اللهم قد بلغت فاشهد. نقلاً عن صحيفة الصحافة السودانية 19/7/2010م