خاص/ سودان سفاري في مقال بعنوان : لماذا لم تعد الدول ملزمة باعتقال البشير بصحيفة (ذا استاندرد) الكينية، كتب المحامي المتخصص في القانون الدولي (جود فيري موسيلا) مقالاً مطولاً ركز فيه على العوامل القانونية البحتة – والتي لا شان لها بأي ظلال سياسي – التي تجعل الدول الأعضاء في ميثاق محكمة الجنايات غير ملزمة باعتقال الرئيس السوداني المشير البشير. المقال نشرته الصحيفة يوم الأربعاء قبل الماضية 28/7/2010م. أشار فيه الكاتب، في تحليل مدعم بنصوص قانونية إلى أن اعتقال البشير – وبنص تعبير الكاتب – يعتبر من الناحية القانونية حماقة . ويمضي الكاتب ليقول (في رأي انه لا يوجد التزام تلقائي بالاعتقال والتسليم لأن المادة (89) من ميثاق روما تنص على أن المحكمة يتعين عليها أن تطلب التعاون من الدولة تحوي معلومات معينة حددتها المادة (91) من ذات الميثاق . ويخلص الكاتب إلى أن المادة (98) الفقرة (1) من ميثاق المحكمة تمنع الدول من الاستجابة للاعتقال والتسليم اذا كان هذا التسليم والاعتقال يضطر الدولة المعنية لانتهاك التزاماتها المضمنة في معاهدات دولية أخرى وخاصة الحصانات الدبلوماسية التي تنص عليها اتفاقية فينا 1961م. ويشير الكاتب إلى أن محكمة العدل الدولية – وهي لفائدة القراء ليست محكمة الجنايات الدولية وإنما هي محكمة فض نزاعات وتقديم استشارات وآراء قانونية وتتبع للأمم المتحدة، يشير الكاتب إلى أن محكمة العدل الدولية هذه لديها قانون يسمي (قانون أمر الاعتقال) وهو ينص على عدم جواز إخضاع رؤساء الدول ووزراء الخارجية للسلطة القضائية لدولة أخرى بغض النظر عن طبيعة الاتهام الموجه إليهم. ولهذا يضيف الكاتب – فان الرئيس البشير كرئيس دولة منتخب ومعترف به لا يجوز المساس به واعتقاله لأن ذلك يتعارض مع نص المادة (98) من ميثاق المحكمة نفسه . وما من شك وبالنظر إلى ما أورده هذا الكاتب وهو ليس سودانياً أو تربطه مصلحة خاصة بالسودان بأي حال – فان مذكرتي اعتقال البشير الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني المشير البشير هي في الواقع ليست سوى (أداه سياسية)، ونوع من أنواع الابتزاز الدولي الرخيص وغير المسبوق، فإذا كانت محكمة الجنايات الدولية هذه محكمة محترمة وتنتظر من الآخرين احترامها والتعاون معها لخير العدالة ولخير الإنسانية جمعاء، ما كان لها أن تستجيبا لإصدار أمر اعتقال بحق رئيس ما يزال في السلطة، يتعارض أمر اعتقاله مع القانون الدولي من جهة (الاتفاقيات الدولية الراسخة) ويتعارض مع نص صريح في ميثاق إنشاء المحكمة نفسها وهو نص المادة (98) المشار إليه. إذن باتت اللعبة مكشوفة إلى حد كبير ولم يعد هنالك من مجال لأي خبير قانوني للانسياق وراء هذه الشطحة القانونية المخجلة والتي تنذر بانهيار مدوي لتجربة ماسخة في غاية السؤ والرداءة تبقي شاهدة على وضع دولي يندى له الجبين!