مع اقتراب موعد الاستفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان برز الى السطح مجدداً جدل كثيف من دور المنظمات المحلية والدولة والإقليمية في الاستفتاء باعتبارها جزاً من الرقابة على نزاهة وشفافية الاستفتاء، وفي إطار هذا الجدل عقد المركز العالمي للدراسات الإفريقية ندوة تحت عنوان (دور المنظمات الدولية المحلية والإقليمية والدولية) حيث تباينت الآراء بين عدم جدوى تلك المنظمات والاعتراف بدورها وضرورة وجودها. الاستفتاء قضية سيادية:- د. عوض خليفة أشار في بداية حديثه الى أن الاستفتاء يحدد مصير هذا البلد من حيث الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية وهو أمر طارئ لم يظهر بصورة واضحة الا بعد اتفاقية نيفاشا، واعتبر د. عوض خليفة أن الاستفتاء هو قضية سيادية فلا احد يمكن أن يحل المشكلة الا نحن أصحاب السيادة متسائلاً: ما معني أن يكون للمنظمات الدولية والإقليمية دور في تقرير المصير ولماذا يسمح أصلاً بالتدخل في تقرير المصير؟! وقال: يجب على السودانيين أن يرفضوا كل أشكال التدخل كما فعلت بريطانيا من قبل بعد اشكالها مع ايرلندا حيث لم يسمح البريطانيون حتي للأمم المتحدة أن تتدخل فنحن يجب أن نسال أنفسنا هل عجزنا عن حل مشكلتنا، وقبل أن نفتح الباب لهذه المنظمات، هل هذه المنظمات حريصة على مصلحتنا؟! مشيراً الى أن هذه المنظمات تأكد من خلال التقارير المدونة بوزارة الخارجية أنها تعمل لخدمة أجندة مختلفة لجهات خارجية داخل السودان وكلها تتلخص في شيء واحد هو العدوانية للعشب السوداني وأكبر دليل على ذلك ما حدث في شريان الحياة لذلك لن يكون لهذه المنظمات دور ايجابي في الاستفتاء فكما ذكرت أن الاستفتاء قضية سيادية لا يحلها الا الشعب السوداني، كما أن التدخل الأجنبي دائماً لا يخدم قضايا العالم الإسلامي، وخير شاهد ما حدث في العراق وفلسطين والصومال وأفغانستان، ولكن عندما جاءت قضية ارس دوني خرجت عن صمتها، وأكد د. خليفة وجود دور ايجابي للمنظمات المحلية باعتبارها جزءاً من المجتمع السوداني ويمكن ان تقوم بدور التوعية بأمر الوحدة وتقديم الخدمات، وقال في ختام حديثه: أن دعا الحال لعمل منظمات إقليمية ودولية فيجب أن لا يخرج عن خيار الوحدة. دور متوقع للأمم المتحدة:- وقال السفير ابراهيم حمزة ان هنالك تعاوناً بين المنظمات الدولية والإقليمية خاصة الأممالمتحدة فيما يتعلق بالأمن والسلم الدوليين بموجب نصوص القوانين والمواثيق الدولية بدليل المهمة المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور، وتوقع السفير حمزة دوراً ايجابياًَ للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي بحكم شهادتها على اتفاقية السلام الشامل حيث تأثرت اتفاقية السلام بالوضع الجديد الذي جاءت به الأممالمتحدة، وبناء على ذلك دخلت من خلال بعثتها يونميس في حوار مع مفوضية الاستفتاء وكونت لجنة خاصة بالاستفتاء والدعم الذي يمكن أن يقدم، ولجنة للمراقبة تعمل بالتنسيق مع الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي ومركز كارتر، لكن تلاحظ ايضاً تحفظ الحركة على دور الاتحاد الإفريقي الذي يتبني مبدا الحدود الموروثة المضمن في النظام الأساسي، بينما طالبت الحركة بمراقبين إضافيين من أمريكا والنرويج، ولكن يظل موقف الاتحاد الإفريقي واضحاً تجاه المراقبة لا يدخله في أي حرج أذا جاءت نتيجة الاستفتاء بالانفصال وطالب حمزة المنظمات بأن تعمل بحيادية وبعيداً عن التأثيرات الخارجية للدول الغربية وان يجري الاستفتاء وفقاً لإجراءات مفوضية الاستفتاء وعدم تدخل المنظمات الدولية والإقليمية في الخلاف بين المفوضية والحركة حول تعيين الأمين العام حتى لا تتكرر تجربة الانتخابات . دعم المراقبين الوطنيين هو المطلوب. وتطرق السفير محمد احمد عبد الغفار في تعقيبه على المتحدثين إلى الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الأممالمتحدة حتى يكون لها دور ايجابي في نجاح الاستفتاء خاصة أن موظفي الأممالمتحدة ما هم الا ممثلون لدولهم ويعملون على تحقيق مصالحها، وقال: يجب ان تقوم الأممالمتحدة بدور الإشراف وتوفير المال والعنصر البشري لإدارة الشؤون السياسية مثال (ما حدث في الانتخابات)، الدور الآخر هو التدقيق في علمية الاستفتاء وهذا لا يتم الا بطلب من الدول نفسها ثم تنسيق جهود المراقبين وتزويدهم بالمعايير الدولية والحقوق الأساسية والعمل على دعم مراقبين وطنيين وهذا اهم الأدوار المطلوبة والمهمة السادسة والأخيرة هي نظام المراقبة بإرسال فريق صغير لمتابعة الاستفتاء مختتماً حديثه بأن الاستفتاء في النهاية عملية وطنية 100% . صعوبات مالية:- عمر عثمان عضو المكتب التنفيذي لمنظمة (اسكوفا) قال أن المنظمات المحلية تقوم بدور كبير في جنوب السودان وهناك أكثر من 20 منظمة تعمل في الجنوب وقد تم إنشاء أكثر من 10 مدرسة بالتعاون مع هيئة تنمية جنوب الصحراء إضافة إلى عمل منظمة الوكالة الإسلامية والعون الإنساني المدني، وأوضح عمر عثمان أن (أسكوفا) طرحت مبادرة للوحدة والسلام والتنمية مشيراً إلى أن الأممالمتحدة لها ممارسات غير موجودة في اللوائح والقوانين الدولية، مبيناً أن حجم التمويل الذي حصلت عليه (أسكوفا) من التمويل الذي طرحته السوق الأوربية والذي وصل 50 مليون يورو لا يتعدي ال 7% بعد ضغوط وجهود مضنية، فالأمل معقود على المنظمات الوطنية لكن بمزيد من الدعم المالي. أدوار تكاملية بين الحكومة والمنظمات ودعا د. عبد الرحمن أبودوم إلى ضرورة وجود ادوار تكاملية بين الحكومة والمنظمات باعتبار أن الحكومة هي الجسم الأقوى، ومع ذلك يجب مقارنة تجربة المنظمات في الانتخابات: هل أحدثت تقدماً على مستوي السودان وما الذي يجب ان يضاف للتجربة، مشيراً إلى أن القراءة المستقبلية لدور هذه المنظمات تحكمه مسألة التمويل الذي يخلق مساحة للتعاقدية الآمرة التي يشكلها المانحون ويكتب فيها الممول عقده بشروط الحقوق، مؤكداً أن هنالك مواقف أساسية أخرى تتمثل في القدرات والإمكانات وهذه تحتاج لنظرة عميقة حتى يتم الاستفتاء بحيادية وشفافية. لا خيار في وقف أي رقابة:- د. حسن كرشوم قال أن شكل الرقابة هو الذي يحدد نتيجة الاستفتاء وهو مرتبط بها حسب نصوص القانون، وهذه الرقابة تدخل فيها المنظمات المحلية والإقليمية والدولية حتى ان مصادر قانون المشورة الشعبية تصنف على أن الا الأجسام التي يرجع إليها هي منظمات المجتمع المدني، أيضاً قانون استفتاء أبيي نص على أشراك منظمات الأممالمتحدة وتحمل نفقات المراقبة مبيناً أن هنالك منظمات عديدة في الجنوب عاصرت عملية شريان الحياة هي التي ستضع أسس الاستفتاء لذلك لابد من دور رقابي لهذه المنظمات لكن شريطة أن يكون هذا الدور حيادياً بعيداً عن الأجندة الأجنبية. أما عبد الله عبد الرحمن المجلس القيادي لحزب التحرير فقد أشارت مداخلاته انه كان في الأصل أن لا يتم القبول بموضوع الاستفتاء لأن الاستفتاء يمكن أن يمزق السودان متسائلاً اذا كانت الحكومة والحركة والأحزاب مع الوحدة فمن الذي يريد الانفصال؟! فيما أوضح معز فاروق أن المنظمات الإقليمية والدولية أداة لتنفيذ إستراتيجية واضحة تجاه السودان مؤكداً أن مؤتمر الإيقاد الخاص بتنفيذ بنود اتفاقية السلام ما هو الا أدوات لمشروع تقسيم السودان. نقلاً عن صحيفة التيار 11/8/2010م