مواصلة للصراع الذي دار بمدينة لاهاي بمحكمة العدل الدولية والذي اسعدنا بحضورة نصل للقول الي ان ملخص فليشن 1905م وكتاب نعوم شقير والذي يعضد ويوثق خرائط ماردون ووصفه لبحر العرب باعتياره الحدود قبل عام 1905م ومرة اخري تضمن كتاب شقير والذي اشار اليه عديد من العلماء والكتاب وصفا لمديرية كردفان نورده ان حدودها في الشمال خطا يمتد من جبرة الي وداي الملح بالغرب من عين حامد ومن الجنوب بحر الغزال وبحر العرب وشرقا مديريتي الجزيرة وفشودة وغربا دارفور وفي المقابل وصف مديرية بحر الغزال بانها عبارة عن ارض يرويها بحر الغزال وفروعه ويحدها شمالا بحر العرب وبحر الغزال اللذان يفصلان من دارفور وكردفان وفي الشرق يفصلها بحر الجبل الحدود من فشودة وفي الجنوب تحدها دولة الكونغو وتفصلها الجبال في الغرب من الكونغو الفرنسية . ومن الاشياء الهامة ملاحظة شقير بان سكان كردفان عربا يزعمون الدخن وسكان بحر الغزال سود يزعمون الذرة وبذلك يتناسق وصف شقير لجنوب السودان مع العديد من الكتاب الاخرين الذين اكدوا جميعهم علي ان بحر العرب يفصل ثقافيا القبائل العربية في الشمال والقبائل الافريقية السوداء في الجنوب وهناك مصدر ثالث لابد من تاكيده والتركيز عليه هو السير رجنالد ونجت الذي كان شخصية بارزة في السودان وقد ورد في كتاب ام .دبليو دالي انه رغم وقوف ونجت مع القاهرة ودعمه لها الا انه كان شخصية ذات مكانة عالية يومها في السودان وقد اكتسبت تلك المكانة لعلاقته مع الملك واقامته محكمة الخرطوم وهو بالنسبة لكرومر حاكم ليس الا ولكن ونجت السودان يتصرف تصرف الملوك وكان ونجت حاكما عامل علي السودان وبذلك يمثل اعلي وظيفة مدنية في القطر في الفترة من عام 1899م الي 1916م وكان معروفا بتدخله الشخصي في ادارة السودان. وقد كتب قابر يان واربرق في هذا الشأن ان ونجت كان يؤمن باسلوب التدخل الشخصي القوي المباشر في علاقته مع معاونيه وتعامله مع الشعب السوداني وخالف ونجت توصيه ام دبلية دالي واهتم بجنوب السودان وحدوده وكان اهتمامه مركزا مع اشياء اخري علي حقائق مذكرته في عام 1905م التي نشرت في اصداره التقرير المالي والاداري والاوضاع في السودان وقد ذكر فيه صراحة التحويل الذي تم في 1905م حيث ورد فيه ان مناطق السلطان روب وقوركوي جنوب بحر الغزال التي كانت جزءا من مديرية بحر الغزال قد ضمت الي كردفان وكما هو واضح في الفصل الخامس فان هذا الوصف قد كان بهذا الوضوح فيما يتعلق بالحدود الشمالية قبل عام 1905م وما تم تحويله من ارض في تلك السنة واضافة الي ذلك لم تكن تلك المرة الاولي التي يهتم فيها الحاكم العام ونجت اهتماما خاصا بجنوب السودان او بحر العرب بالتحديد وكما اشير فان هذه المصادر الثلاثة المختارة لا تمثل الا قدرا يسيرا من الحجم الهائل للمواد المحفوظة في السجلات المعاصرة او ما اورده المؤخون ومع ذلك اتبعت الحركة الشعبية اسلوبا اخر انتقائيا في اختيار البينات المعاصرة ذات الصلة بعملية التحويل الذي تم في عام 1905م وكذلك قللت الحركة الشعبية من اهمية المصدر الاول المعاصر اتش دبليو ماردون وما قام بعد عمل حيث وصفته بالبساطة وانه غير رسمي وفيما يتعلق بنقد الحركة الشعبية لخرائطه فقد تم تناوله في التقرير الثاني للخبير الستر ماكدونالد ويكفي هنا الاشارة الي أن الحركة قد ردت علي لسان مارودون انه قال ان الحدود الفعلية للمديريات خاصة المديريات الجنوبية لن تحدد بعد بصورة قاطعة ولكنها حذفت ما اروده في الصفحة التي جاء فيها انه عمليا تغطي مديرية بحر الغزال كل اقليمجنوب السودان الذي يقع جنوب بحر العرب والمدهش اكثر ان يتجاهل عالم في قامة البروفسير دالي الوصف المذكور لمديرية كردفان بواسطة ان شقير وبدلا من تناول المواضيع الواردة في الجزء الذي له صله اكبر بالموضوع في كتاب شقير تاريخ وجغرافية السودان وحصر البروفسير دالي تحليله في الاجزاء الاخري ذات الصله بالثورة المصرية في اواخر القرن عشر في نفس الكتاب وبهذا الفعل يكون البروفسير دالي قد تجاهل تماما ذكر الاجزاء التي اوردت في الفقرات 21- 22 وهي التي تصف بصورة واضحة وجلية بحرب العرب باعتباره الحد بين كردفان وبحر الغزال ولكن اكبر حذف وتجاهل في مذكرة الحركة الشعبية وتقرير الخبير البروفسير دالي هو النص من مذكرة ونجت في عام 1905 وان هذا التجاهل والحذف الاخير مسالة مثيرة للعجب اذ ان تاريخ هذه المذكرة هو العام 1905م ومصدرها هو حاكم عام السودان في الفترة من 1899م الي عام 1916م وان ونجت لم يكتف بذكر الحدود بل وصف ايضا وصفا دقيقا المنطقة التي حولت الي مديرية كردفان وحدودها الشمالية هي بحر العرب ورغم كل هذا غضت مذكرة الحركة الشعبية الطرف تماما ولم تشر الي مذكرة ونجت في عام 1905م ولو مرة واحدة جملة وتفصيلا فان هذه الحقائق والمصادر المعاصرة الكثيرة الاخري تتعارض وبصورة اساسية مع حجج الحركة الشعبية التي تقول بان المنطقة التي حولت في العام 1905م تمتد شمال بحر العرب اضافة الي ذلك فان الوثائق المعاصرة كما تم توضيح ذلك وبصورة اكثر تفصيلا عن الفصل الخامس ولكنها تدحض وتقوض تماما ما توصل اليه خبراء مفوضية ترسيم حدود ابيي الخمس بان جزءا كبيرا من المنطقة المحولة يقع شمال بحر العرب وقد يكون هذا هو السبب تجاهل هذه المستندات وابعادها من قبل الحركة الشعبية وتناولت هذه المذكرة التعقيبية وباسهاب العديد من المصادر الاخري التي لقيت نفس المصير وكذلك ورد في مذكرة الحركة الشعبية ان البينات المستنده الخاصة بدينكا نقول وجيرانهم من القبائل الاخري محدودة جدا قبل القرن العشرين وبالتالي اعتمدوا وبصورة كبيرة علي التقاليد الشفهية لشعب دينكا نقول التي اوردت في افادات الشهود امام المفوضية ترسيم حدود ابيي داعمة رؤلهم عن وجود ونشاط كل من دينكا نقول وقبيلة المسيرية في منطقة ابيي وقد ادعت الحركة الشعبية كذلك ان التقاليد الشفهية قد سرت وبينت هجرة دينكا نقول الي المنطقة في اوائل القرن الثامن عشر وان مدينة ابيي اصبحت مركزيا تجاريا وسياسيا بقبيلة دينكا نقول دينكا نقول في نهاية القرن التاسع عشر واكدت مذكراتهم ايضا ان جزءا من منطقة ابيي كان يقطنها المسيرية وقبائل اخري قليلة مثل التوج ودينكا روينق للرعي وقد اسست ادعاءات الحركة الشعبية المغلوطة كلها تلك بصورة كبيرة علي الافادات السماعية وردت في اقوال الشهود الذين سردوا حقائق واحداث وقعت في ذلك الوقت عام 1905م وذلك قبل ميلادهم او ميلاد ابائهم في زمان لم تظهر فيه مدينة ابيي في اية خريطة من الخرائط وقد اعتمد اولئك الشهود علي الروايات الشفهية الممارسة والعادات والتقاليد ومواقع تحرك اهلهم ولا يخفي هنا علي احد المصاعب البديهية التي تتصل بمثل هذا النوع من البينة وحتي من المنظور التاريخي البحث لا يمثل التقليد الشفهية دراسة في الاسلوب التاريخي ان الشهادة ليست الا سرابا للحقيقة التي تقوم بوصفها وان الراوي الاول في التقليد الشفاهي يقدم بوعي او دون وعي سردا مشوها للوقائع الحقيقية لانه لا يعلم الا القليل من جوانبها يوضع تفسيراته الخاصة عن ذلك القليل الذي يعلمه وفي شأن ابيي وبمشيئة الله سنواصل سرد الحقائق كلها للقارئ الكريم. نقلا عن صحيفة الوفاق السودانية 18/8/2010م