لأن أخطاء الادارة الامريكية الحالية – ادارة أوباما – حيال مجمل القضايا الخارجية- ومن ضمنها السودان – هي في جزء كبير منها موروث عن حقبة ادارة بوش الابن – الادارة الاسوأ في تاريخ الولاياتالمتحدة بأسرة ولأن ادارة أوباما بالغت في التوصيف وأسرفت في الوعود كان من الطبيعي ان يزداد اخفاقها فهي الان غرقت في وحل أفغانستان الي أعلي شعرة في راسها وليس أمامها من حل سوي الانسحاب وقد وقعت خلافات عميقة وخطيرة بهذا الصدد داخل الطاقم العسكري من جهة والطاقم السياسي. وذات الشئ ينطبق علي الطرق, فبعد نحو من سبعة اعوام لا شئ سوي الدماء والدمار وغياب الامن. اذا نظرنا لهذه الامور فان امر السودان سوف يبدو اهون بعض الشئ فادارة أوباما تريد التعامل مع سودان متعاون مع مكافحة الارهاب وفقاً لتعريفها هي للارهاب وقد فعل السودان ذلك ونال اشادة منها ومع ذلك ابقت عليه في لائحتها السوداء. وادارة أوباما تريد أن تظل طرفا في عملية السلام الشاملة في السودان وطي ملف قضية الجنوب , وقد رأت ولمست كيف أن الشمال أوفي بكل بنود الاتفاقية واخر ما تبقي الان هو الاستفتاء ومع ذلك فادارة أوباما تصرعلي معاقبة السودان اقتصاديا واستمرار قرار الحظر الاممي عليه وتدعم سراً وعلناً انفصال الجنوب مع علمها بالمخاطر المترتبة علي هذا الانفصال, وفي الشأن الدارفوري فان موفد الرئيس أوباما الخاص – غرايشن- زار دافور عشرات المرات, ربما أكثر من القادة السودانيين أنفسهم واتضمت له كل جوانب القضية ورغماً عن ذلك فان ادارة أوباما تحرض علي الجنائية وتبحث عن ما يعرقل أية حلول في دارفور!! هذه المتناقضات الامريكية قد تبدو طبيعية في ظل وجود تيارات متنافرة داخل الادارة سواء في الخارجية أو الكنغرس أو داخل أروقة الحزب الديمقراطي الحاكم نفسه فاللوبي موجود ومؤثر وجماعة أنقذوا دارفور حاضرة . وكل هذا مفهوم ولكن لابد في النهاية من القول ان القرار بشأن السودان ولو كان متطرفاً أو خاطئاً ينبغي أن يكون واضحاً حتي يمكن التعامل مع هذا الامر من جانب الحكومة السودانية بما يناسبه حيث لا يليق بدولة توصف بأنها قوة كبري أن تظهر بهذا المظهر المزري, تقدم رجالاً وتؤخر أخري , تفعل الشئ ونقضيه. لقد كاد هذا الوضع وربما يكون قد حدث فعلاً الان أن يطيح بالموفد الامريكي الخاص الي السودان سكوت غرايشن ومن المؤكد أن هذا راجع بالدرجة الاولي الي أن الرجل انتهج سياسة واقعية وموضوعية متجردة اصطدمت بالضرورة برغبة بعض غلاوة المتعصبين في ادارة اوباما . ومن المؤكد أيضاً ان ذهاب غرايشن معناه فقدان أوباما لقناة تواصل حقيقية وصحيحة مع السودان وهو ما قد يجعل مصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة في حالة بالغة السؤ, خاصة وأن الجنوب السوداني تضاءلت فرص اتخاذه لقرار مصيري بالانفصال!