حتي الان لا يبدو أن الحركة الشعبية تتخذ منجاً متوازيا وشفافاً بشأن عملية الاستفتاء, بل يمكن القول – استناداً الي شواهد عديدة ماثلة- أن الحركة الشعبية لا تزال تعول في استراتيجيتها حيال عملية الاستفتاء علي ما يمكن وصفها بأساليب فاسدة مارستها من قبل في العملية الانتخابية التي جرت في ابريل المنصرم, وتراهن علي ممارستها مرة أخري في عملية الاستفتاء. ولعلنا نلاحظ ذلك الان بوضوح أولاً في سيطرتها علي مفوضية الاستفتاء في الجنوب حيث حصلت علي الاغلبية في العضوية ليس ذلك فحسب بل أدخلت- بصورة مؤسفة- عضواً له جذور يوغندية في عضوية المفوضية وهذا ما يفتح الباب لممارسات أكثر سؤاً اذا ما جرت عملية الاستفتاء تحت ذات هذه اللافته. فبامكان الحركه حينها تسجيل ناخبين من جنسيات دول مجاورة وهذا ما يتخوف منه العديد من المراقبين في ظل التداخل القبلي المعروف في الجنوب سواء مع يوغندا أو كينيا أو اثيوبيا أو افريقيا الوسطي وتشير مصادر عليمة في جوبا الي أن واحدة من خطط الحركة الشعبية هي تسجيل كم هائل من الاجانب ليصوتوا لصالح الانفصال, عد ما كشفت عن توجهاتها الانفصالية في ظل ادراك الناخبين الجنوبين لمخاطر هذا الانفصال ومخاوفهم من انفراد الحركة بحكم الجنوب والبطش بهم وحرمانهم من حقوقهم وخدماتهم الاساسية. أما ثاني ما لوحظ من ما يمكن وصفه بأساليب فاسدة أيضا هو سعيها الحثيث حالياً لاعادة (5/1 مليون مواطن جنوبي) من الشمال الي الجنوب ليصوتوا هناك مما يخالف قانون الاستفتاء والدستور الانتقالي سنة 2005م ويكشف في الوقت نفسه عن أن الحركة تسعي لاعادة هؤلاء المواطنين الي الجنوب لارغامهم بشتي السبل للتصويت لصالح الانفصال وهذا فيه دليل ساطع لا يتطرق اليه الشك في أن الحركة تخشي من أن يصوت هؤلاء المواطنون لصالح الوحدة اذا صوتوا في الشمال حيث لا مجال للضغط عليهم أو اجبارهم أو اغراؤهم بالطرق المختلفة. فالمسألة هنا واضحة خاصة اذا علمنا أن العملية نفسها- عملية النقل- تبدو صعبة ان لم تكن مستحيله ومكلفة ولعل أكثر ما يجعلها تقع ضمن الاساليب الفاسدة هو أنها تتم الان ولم تتم عقب دخول اتفاقية السلام حيز التنفيذ في 9 يناير 2005 فلو أنها تمت في ذلك التاريخ لقلنا أنها بمثابة مساعي لاعادة توطين هؤلاء المواطنين في قراهم واعمار هذه القري ومن ثم ترسيخ الاستقرار أما وأن تتم عملية النقل الان- وفي هذه الظروف- فان الهدف منها واضح ولا يحتاج لذكاء. أما ثالث الاساليب الفاسدة فهي كبت الحركة لدعوات الوحدة في الجنوب رغم التزامها باتاحة الفرصة لدعاه الوحدة لكي يدعوا لها في الجنوب ولعل هذا ما جعل قادة بارزين بالحركة يصرحون علناً برغبتهم في الوحدة بالمخالفة لموقف الحركة العام مثل الفريق عقار والوزير لوال دينق ومجموعة من قادة اخرين. ان هذه الاساليب الفاسدة بالطبع تؤثر علي نزاهة العملية ومن المهم أن تلتفت اليها مفوضية الاستفتاء منذ الان وتحول دون استشرائها لأنها قد تقود في النهاية لوصل الي نتيجة تخالف الواقع جملة وتفصيلاً.