مبدئيا يمكن القول إن أحدًا لا يمكنه إن يتوقع أن تمر عملية الاستفتاء علي تقرير مصير جنوب السودان التي بدأت مراحلها الأولي ببداية عمليات التسجيل وإعداد السجل الانتخابي بسلام طالما إن للحركة الشعبية (توجّه مسبق ومعلن)بشاْن هذه العملية لكي تفضي إلي انفصال . ذلك أن من شان مراهنة الحركة الشعبية –باعتبارها السلطة الحاكمة للجنوب –علي خيار الانفصال،إن يجعلها (تفعل أي شيء)لكي تدفع بالعملية إلي هذه الوجهة الانفصالية التي تريدها . من المهم جد1 إن نضع هذه الحقيقة في مقدمة أولوياتنا ونحن نتابع سير العملية ،لهذا كان من الطبيعي إن تمارس الحركة الشعبية كافة إشكال الممارسات لتحول دون إن تفضي النتيجة إلي وحدة من جهة ،ولتحقيق الانفصال التي تنشده من جهة أخري . وعلي العكس من ذلك موقف الحزب الوطني إذ انه ومهما قيل عن ممارسات يقوم بها هذا الحزب ،فان أقصي ما يفعله هو إن يظل داعيا ًللوحدة،فهو لا يستطيع عمليا إن يجبر الناخبين علي التصويت للوحدة وإنما يكتفي بالدعوة لها وتعداد مزاياها وهو ما ظل ينشط فيه ولا يزال .هذا في الواقع هو الفارق الجوهري بين الشريكين ومن هنا يمكننا إن نقول إن تكتيك الحركة الشعبية يقوم علي إجبار مواطني الجنوب المقيمين في الجنوب علي التصويت للانفصال –ترهيبا وترغيبا –وهي وسائل برع فيها الجيش الشعبي ولا يزال ،وهذا أيضا ما يفسّره إصرار الحركة علي عودة مواطني الجنوب المقيمين في الشمال وفي الدول الغربية المجاورة إلي الجنوب حتى يصبح بالإمكان ومن السهل الضغط عليهم .فقضية الانفصال ألان في الجنوب يجري تداولها علي أساس أنها (قضية استقلال )وقضية حرية وانفكاك من اسر الشمال وهي دعوة فيها ما فيها من التضليل والخداع ولكنها دعائيا ًمؤثرة وبالطبع لا تتطرق الحركة الشعبية في هذا المنحى إلي مالأت الدولة الجديدة وكيفية بنائها وظروف معيشتها ،لأنها دون شك لا تملك لها حلولاً ألان ولا علي المدى القريب .بالمقابل فان المواطنين الجنوبيين المقيمين بالشمال لا تجد الحركة الشعبية وسيلة ناجحة وفعالة للضغط عليهم ،فهم بعيدين نسبيا ًمن سلطانها وهي تخشي في ذات الوقت إن يقلبوا المعادلة ،لهذا اعتمدت تكتيك التحييد ،بمعني إخراجهم عن المعادلة وإبعادهم عن العملية بقدر الإمكان والاكتفاء فقط بناخبي الجنوب ،وهذا ما يفسر لنا سر مما نعتها في تسجيل هؤلاء المواطنين لأسمائهم في السجل الانتخابي فهم بالنسبة لها ليسوا بذي أهمية وأقصي ما تريده منهم هو إلا يصبحوا عاملا مؤثرا ًفي ترجيح الوحدة بآي حال من الأحوال .من هنا يمكننا أن نفهم لماذا تمارس الحركة الشعبية أساليبها الفاسدة بهذه الضراوة في الشمال .فهذا هو التكتيك الوحيد الذي توصّلت إليه !