لزمت الجماهيرية الصمت حتى الآن تجاه بقاء المتمرد خليل زعيم حركة العدل وا لمساواة الدارفورية المتمردة على أراضيها ، ذلك على الرغم من التزام رئاسي التزم به الزعيم الليبي القائد القذافي للرئيس السوداني بعدم إبقاء خليل على الأراضي الليبية. ومن المهم هنا ان نشير الى ان وجود خليل بطرابلس من عدمه ليس هو وحده المحك ،و انما المحك فى التزامات القيادة الليبية الواجبة النفاذ بشأن إستضافتها لحامل سلاح يرفض علناً الجلوس للتفاوض ويناوش من حين لآخر عبر عمليات عسكرية ضد الجيش السوداني فى دارفور. صحيح ان مقدرة حركة العدل قد نقصت و تراجعت كثيراً عما كانت عليه فى السابق ،و صحيح ايضاً ان حركة خليل رغم الدعم الهائل الذى كانت تجده طوال الخمس سنوات المنصرمة فشلت فى تحقيق أى شئ ملموس ناهيك عن وضعها السيئ الراهن ،و لكن رغم ذلك فان المبادئ المرعية فى العلاقات الدولية تفرض عدم السماح لأي حامل سلاح بالبقاء فى دولة مجاورة بما يخل بأسس وقواعد حسن الجوار ، ولعل الجماهيرية التى تدرك طبيعة الوضع الدقيق الذى يجابهه السودان حالياً وهو يتهيأ لتقرير مصير أحد أقاليمه بما قد يفضي الى انفصال تتراجع على أساسه مساحة السودان الجغرافية و من ثم تصبح القضايا المترتبة على الاستفتاء قضايا شائكة تستحوذ على الاهتمام. و فى ظروف كهذه فان أزمة دارفور تصبح بمثابة جرح اضافي يزيد من جراح السودان النازفة ،و تشير مصادر دبلوماسية غربية مطلعة فى طرابلس الى ان الجماهيرية فيما يبدو تريد الاحتفاظ بورقة خليل بشكل من الأشكال بذات القدر الذى احتفظت فيه باريس بعبد الواحد نور حتى يكون لها حضور ما في واقع السودان المقبل، غير ان ما قد تخطئ في حسابه طرابلس هو أنها تنسي الهزائم الهائلة التى مني بها خليل فى وقت سابق كان فيها اقوي من الآن وانه لا يملك جيش مقاتل يتيح له مواجهة الجيش السوداني. واذا صحت الأنباء التى أشارت الى سعي د. خليل لتغيير قاعدته الى يوغندا،فان خسارة خليل سوف تتضاعف دون شك ، حيث يصبح عرضة هناك لمواجهة هجمات جيش الرب التى أعيت الجيش اليوغندي و أعيت الجيش الشعبي نفسه ، رغم افتخاره بقواته و قدراته . و هكذا فان من المهم – فى هذا التوقيت و المنعطف التاريخي الهام – ان يلمس السودان رغبة ليبية صادقة و جادة بشأن المتمرد خليل ،و لو ان طرابلس تتطلع لمصلحة السودان فان الوقت الذى قضاه خليل الآن فيها وفى ضيافتها كاف لإقناعه بالالتحاق بالمفاوضات فى الدوحة، ذلك ان موقف خليل لم يعد يحتمل سوي الجلوس لمائدة تفاوض ،وقد فات أوان الأوزان العسكرية على الأرض خاصة بعد الهدوء الكبير الذى بات يخيم على دارفور ،و بعد هدوء الحدود السودانية التشادية بفعل تجربة القوات المشتركة !فيا تري ، ماذا ستفعل طرابلس و الوقت بات حرجاً ؟