ما من شك ان يوغندا لعبت فى السابق – على الأقل طوال فترة حكم الرئيس يوري موسفيني – دوراً أو فلنقل أدواراً متعددة ، غالبها خطير فى الشأن السوداني عموماً ،و فى الشأن الجنوبي على وجه الخصوص . ويكفي فى هذا الصدد ان نلقي نظرة على عملية الإسناد التى كان يقدمها نظم الرئيس موسفيني للحركة الشعبية إبان قتالها ضد الحكومة المركزية الذى امتد لما يقارب العقدين ولن ننسي فى هذا المنحي عملية الأمطار الغزيرة فى العام 1995 التى كان الجيش اليوغندي دعامتها الأساسية ظناً من الرئيس موسفيني – بذهنية الطريقة الافريقية فى السيطرة على السلطة – ان بإمكان جيشه و جيش الحركة الشعبية اجتياح الجنوب على الاقل و إحكام السيطرة عليه ، غير ان الأمر كما شهدنا لم ينجح و ارتد الجيش المتحالف على أعقابه ومنذ ذلك الحين استيقنت الحركة الشعبية و ربما استيقن موسفيني نفسه ان قضية جنوب السودان من المستحيل حلها عبر الحرب و لا بد من التفاوض . ومع ذلك فان موسفيني لم يلعب دورً فاعلاً فى عملية التفاوض ،و انما تبنت ذلك كينيا، وحين تم التوصل الى اتفاق السلام فى يناير 2005 فان موسفيني (بات قلقاً) كما قال ل(سودان سفاري) مصدر دبلوماسي افريقي فى نيروبي . و مبعث قلق موسفيني أنه و نظراً لصلته الوطيدة بصديقه الراحل قرنق و معرفته بشخصية الرجل ، فان فرص يوغندا فى لعب دور لصالحها او لصالح قوي غربية كبري سوف يتضاءل و ربما لهذا السبب شهدنا كيف انتهت حياة قرنق - صديق موسفيني المقرب- على مقربة من يد موسفيني المرتعشة المضطربة ، فقد هوت طائرة موسفيني الرئاسية و تحطمت و على متنها الراحل قرنق و كان آخر من وقفوا بجوار الطائرة قبل إقلاعها عناصر من الموساد الإسرائيلي ، ولم تلفح كل لجان تقصي الحقائق و التحليلات فى فك شفرة الحادثة على نحو مقنع . و ما من شك ان موسفيني بصورة او بأخري يملك قدر من الحقيقة.. بقدر ما يستشعر قدراً من الارتياح . الآن يعود الحديث مجدداً عن الدور اليوغندي فى الجنوب وتشير مصادر متنوعة وخبراء استراتيجيين الى ان يوغندا تراهن على فصل الجنوب السوداني وتسعي لذلك بقوة و لعل اقل تفسير لهذا التوجه اليوغندي هو انها كانت علم بتوجهات قرنق الوحدوية و من المؤكد ان موسفيني هو أكثر الناس إلماماً بهذه التوجهات . ويقول القيادي بالحزب الوطني على تميم فرتاك ان كل من الحزب الوطني و الحركة الشعبية فى حاجة الى بناء إستراتيجية للتعامل مع يوغندا سواء كانت نتيجة الاستفتاء وحدة او انفصالاً ً و لا يستبعد فرتاك أطماع يوغندا فى الجنوب السوداني و يشير الى ان أجندة الجنوب تصطدم مع اجندة يوغندا و ان موسفيني متقلب ونظامه متضعضع و يخشي على نظامه كثيراً . أما القيادي احمد بعد الرحمن فقد أشار الى ان أطماع يوغندا فى الجنوب لا تحتاج الى ذكاء و أضاف لها بعداً اسرائيلياً . و هكذا فان يوغندا فى الواقع - و فى الراهن الحالي- هو الأكثر خطراً على وحدة السودان و من المؤكد انها و بحكم دورها الذى تعودت عليه تسعي بشتي الوسائل للمساهمة فى قيام دولة فى الجنوب تصبح مرتعاً خصباً لها ، تصد عنها غوائل جيش الرب و تتيح لها فرصاً اقتصادية ، فهل ينجح نظام الرئيس موسفيني – بكل عدائه الظاهر و المستتر- ضد السودان عموماً فى الظفر بدولة جنوبية تحقق له أهدافه ؟