بسرعة شديدة تم تصنيف من هم متعاطفون مع السودان كدولة موحدة ومن هم متعاطفون مع الجنوب أو مع الحركة الشعبية كمنظمة انفصالية. في المؤتمر الذي انعقد أول أمس الجمعة في مقر الأممالمتحدةبنيويورك دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما القادة السودانيين ل(إنجاح الاستفتاء)، وقال إن الاستفتاء (يجب أن يتم في موعده وبهدوء). ودعاهم إلى احترام نتائج الاستفتاء وتجنب حدوث أي انتهاكات لحقوق الإنسان. ودعا في حياء لأنه لم يذكره صراحة .. لعدم الخروج على الشرعية الانتخابية ل(أنه ليس بمقدور أحد فرض شيء على أحد بشكل قسري). وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في كلمة الإفتتاح إن الاستفتاء (يجب أن يكون سلميا وخاليا من أساليب التخويف والترهيب). وهو كذلك لم يذكر التزوير صراحة. الرؤية الأخرى تطالب بإجراء استفاء نظيف وشفاف تتاح فيه الفرص لكل مواطن جنوبي للتعبير عن رأيه دون خوف أو إرهاب. ناقش المؤتمر بندين : (تنفيذ اتفاقية السلام) و(تنظيم استفتاء جنوب السودان في موعده). والبندين هما لمعنى واحد هو اجراء الاستفتاء في موعده، فاتفاقية السلام نفذت بنسبة عالية، ولم يتبق منها إلا تنفيذ استفتاء الجنوب واستفتاء أبيي والمشورة الشعبية والاتجاه جار لتنفيذها, الكلام كله مركز الآن على استفتاء الجنوب لأن استفتاء أبيي والمشورة الشعبية أعتبرا مسائل روتينية ولا خلافات جوهرية حول تنفيذهما. السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان السابق لدى الأممالمتحدة بدا متشائما من مجموع ما يجري في نيويورك، واعتبر الاجتماع (حلقة من حلقات إضعاف الملكية الوطنية للقضايا السودانية). وقال: لا خير يُرجى منه، فالإجتماع سيبعث برسائل استباقية سالبة لنتائج الاستفتاء). لكن وسائل الاعلام أجمعت على عدة أشياء : منها، أن الولاياتالمتحدة في حاجة شديدة لنوع من النجاح في سياستها الخارجية بعد تتابع كوارث الفشل التي منيت بها في العراق وأفغانستان وفلسطين والصومال واليمن بعد فشل البند الرئيسي في سياستها الخارجية وهي محاربة الإرهاب والتي تعتبر أن تنظيم القاعدة هو الهدف الأول في محاربة الإرهاب، بينما التنظيم يتمدد كل يوم في أفغانستان والصومال واليمن وأفريقيا على وجه العموم. ومنها تزايد ضغط جماعات الضغط الأمريكية المتعاطفة مع الجنوب والتي تستعجل إجراء الاستفتاء للتعجيل بفصل جنوب السودان. وبعد .. حتى موعد كتابة هذا العمود صباح أمس السبت لم تظهر نتائج إجتماع نيويورك لكن التقدير السائد هو أن الولاياتالمتحدة لن تخرج بشكل واضح عن خط سياستها السائدة قبل الاجتماع تحسبا لإحداث أي ربكة قد لا تمكن الشهور المتبقية من موعد الاستفتاء من معالجتها. أهم ربكة قد تحدث هو التحسب من استفزاز الحكومة السودانية فتقدم على خطوة مثل تأجيل الاستفتاء. كلام الحركة الشعبية عن احتمال اندلاع الحرب بين الشمال والجنوب لا تأخذه الولاياتالمتحدة مأخذ الجد، لكنها تضع في الاعتبار شيئا آخر هو أن الوضع الأمني المهتز أصلا في الجنوب لا يحتمل تجربة حرب جديدة قد يكلف الحركة الشعبية وضعها السياسي المميز في الجنوب. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 26/9/2010م