قال نائب رئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفا كير ميارديت في كلمته أمام المؤتمر الدولي حول السودان الذي انعقد بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أمسية الخميس المنصرم، وتحت رعاية الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قال إن شمال السودان لن يذهب إلى المحيط الأطلنطي حال انفصال الجنوب. وتعهد بجوار إيجابي بين الشمال والجنوب، وهذا الكلام يمضي على ذات الإشارات التي أشرنا اليها في زاوية الأمس التي تحدثنا فيها عن أن أمر الجنوب تجاوز الانفصال إلى ما يُعرف بالانفصال السلس الذي لا تترتب عليه حرب بين الشمال والجنوب. وقد جاءت كلمات المؤتمرين في نيويورك لتؤكد أن ما ذهبنا إليه كان صحيحا للأسف الشديد، وأن العالم لن يمنحنا وحدة لم نسأل عنها أو نتمسك بها، بل رفضناها بحجة أنها لم تعد جاذبة، وانتهينا إلى جوار تحكمه الجغرافيا وحدها. والشمال يظل هو الشمال والجنوب يذهب إلى حاله.. الجنوب يذهب بأشواق الدولة وإقامة النظام الديقراطي واحترام حقوق الإنسان، ويظل الشمال بتركة الماضي، وكانت علاقته بالجنوب واحدة من أسبابها. والشمال عليه أن يظل في قائمة الدول الداعمة للإرهاب التي ظل نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه يدعو لرفع اسم بلاده عن قائمتها، وهو يتحدث عن سودان واحد، ولكن في المقابل يتحدث أوباما وبانغي مون وسلفا كير عن ضرورة قيام الاستفتاء في موعده رغم الصعوبات الجمة التي يراها ويشهد عليها الجار قبل الصديق. وما قاله رئيس وزراء إثيوبيا ملس زناوي خير دليل على ما يواجه الاستفتاء من صعوبات على الأرض، ومن ذلك عدم جاهزية المفوضية العامة لاستفتاء الجنوب التي لم ترتب أوراقها حتى الآن، وقد بقي على إجراء الاستفتاء شهران فقط، ولكن من الواضح أن الفريق سلفا كير يريد تطبيق المثل القائل «الجار قبل الدار» وانعم بالشمال جاراً لا يستطيع الذهاب للمحيط الأطلنطي إلا بحكم الموقع الجغرافي وحده، أما الهموم التراكمية والتاريخية للسودان لا شأن للجار الجنوبي بها. فلا شأن لهذا الجار بالعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان بسبب حرب الجنوب التي كان يقودها جون قرنق الرئيس السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان التي عطلت حركة التنمية في البلاد. ولا شأن للجار الجديد وحكومته بمشكلة دارفور التي أع/لن المجتمع الدولي عزمه على حلها. وكان الأحرى بجنوب السودان أن ينتظر قليلا حتى تحل هذه المشكلة حتى لا تقع التركة على الجار القريب الذي لن يذهب إلي المحيط الأطلنطي. ومشكلة دارفور تترتب عليها مشكلة المحكمة الجنائية الدولية التي تمثل إشكالا للسودان كله وليس لشمال السودان وحده، لكون الجنوب يريد أن يمضي لسبيله ويترك شمال السودان وحده لمجابهتها وتحمل الإشارات السالبة والخطب المتعلقة بهذه القضية التي أشار إليها السيد علي عثمان في كلمته أيضا. فالجنوب بحكامه الجدد سوف يكون مبرأً من كل عيب وسوف تجد حكومته دعم المجتمع الدولي والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي، وربما نال الفريق سلفا كير ميارديت جائزة الحكم الرشيد البالغة قيمتها خمسة ملايين دولار كأول زعيم إفريقي ينال هذه الجائزة التي قام برصدها رجل أعمال سوداني لكي يتنافس عليها الزعماء الأفارقة في مجال تطبيق مبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد، ولم ينلها أحد بطبيعة الحال، والسبب في هذا التميز والأفضلية لجنوب السودان على شماله هو أن الجنوب يطرح نفسه باعتباره دولة جديدة وأمة ناشئة لا صلة لها بالإرهاب وأسامة بن لادن أو قتلة غرانفيل، ونظراً لما تزخر به دولة الجنوب من نفط فإنها سوف تنفق على التنمية ورفاهية شعبها، وتظل مشكلات الشمال على ما هي عليه من غير إجابة. ألم أقل لكم إن علاقة الشمال بالجنوب بالصورة التي أشار إليها الفريق سلفا كير الذي أفصح عن نواياه الحقيقية في هذا المحفل «محفل المؤتمر الدولي حول السودان»، أشبه بعلاقة السماسرة وسماسرة السيَّارات على وجه التحديد، فبينما يكسب أحدهم فإن الآخر يركب التونسية، وليس المحيط الأطلنطي القريب من هنا. نقلا عن صحيفة الصحافة السودانية 27/9/2010م