مع أن اهتمام الحكومة السودانية بالشان العدلي في السودان عامة واقليم دارفور علي الوجه الخصوصي أمر قديم باعتبار أن السودان يملك تاريخ قضائي وعدلي مشهود له بالكفاءة والعطاء وظل يرفد مختلف دول المنطقة بكوادره القضائية الخبيرة, الا أن الرئيس السوداني المشير البشير رغماً عن كل ذلك, أصدر توجيهاته للجهات المختصة في اطار انفاذ برنامجه الانتخابي, وفي اطار اهتمام خاص ظل يولية للشأن العدلي بالعمل علي المزيد من تعزيز العمل القضائي والعدلي في اقليم دارفور. ولاشك أن التوجهات الرئاسية هذه هي أيضاً نابعة عن استراتيجية حل أزمة دارفور التي جري اعتمادها قبل أيام في مجلس الوزراء السوداني. وعلي ذلك فقد عقدت الجهات العدلية في الخرطوم وعلي أرفع مستوي اجتماعاً رفيع المستوي لمناقشة اليات تعزيز انفاذ العدالة وقد ترأس الاجتماع السيد رئيس القضاء مولانا جلال الدين محمد عثمان وضم الاجتماع وزراء العدل, الداخلية, رئيس جهاز الامن وعدد اخر من الجهات ذات الصلة واقادت مصادر مطلعة في وزارة العدل السودانية بالخرطوم أن وزير العدل كان قبل الاجتماع في وداع (15) مستشار قانوني (وكلاء نيابات) سافروا جواً الي اقليم دارفور في صحبة المدعي الخاص بجرائم دارفور المستشار نمر ابراهيم للعمل علي ملاحقة الجناه في قضية سوق المواسير وغيرها من الجرائم هذا المشهد في الواقع هو حراك عدلي قانوني الهدف منه تقوية اركان العدالة في دارفور في ظل ما هو متوقع من التوصل الي اتفاق سلام, وفي ظل وجود حراك وسط قادة القبائل والادارات الاهلية لترسيخ السلام والاستقرار وفي ظل حاجة ملحة لتسوية العديد من القضايا والنزاعات في دارفور بحيث يستتب الامن ويحس المواطن فعلاً أنه قد نال حقوقه- ومن الجدير بالاشارة هنا, أن هذا التحرك هو بمثابة (اضافة) كما اوضح لنا أحد المسئولين الذين حضروا الاجتماع المشار اليه برئاسة السلطة القضائية بالخرطوم اذ ليس المقصود من الأمر البدء من جديد في ارساء العدل في دارفور استجابة لضغط هذه الجهود أو تلك فقد كان أيام الجهات المختصه قبل انعقاد الاجتماع تقرير وافي لأداء السلطه القضائية للعام المنصرم واحصائيات بأعداد القضايا والنزاعات وما تم الفصل فيه وما هو قيد النظر, وهو تقرير يعطي كل من يطلع عليه صورة جيدة عن مسيرة العدل في السودان. ولاشك أن ايلاء الشأن العدلي هذا الاهتمام - علي هذه الدرجة – والاتفاق علي اليات أكثر فاعلية في ملاحقة الجناة والجرائم التي تقع في دارفور تعزز من فرضية المهنية العالية التي يتمتع بها القضاء السوداني ويعزز أيضاً من فاعلية الحكومة السودانية وأجهزتها العدلية وهي أمور مع أنها لم تظل محل طعن جدي الا أن الحكومة السودانية يبدو أنها عازمة علي عدم ترك أي باب مفتوح أو أي تغرة تهب منها رياح نقد أو مؤامرة!