كما هو معروف سلفاً أن لكل شيء ضده ، فالخير ضده الشر والحياة ضدها الموت والسلام ضده الحرب ويندرج في هذا الصف الطويل الحكومة وضدها المعارضة وينسحب إلى كل الأشياء الأخرى سواء كان هذا في المسائل الدينية أو الدنيوية، ومسألة الثنائيات هذه هي آيه كونية حيث خلق الله تبارك وتعالى كل شيء زوجين إثنين حيث قال تعالي : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40)) سوره هود. لهذا كان من الصعب ان يجمع شخص واحد بين الشئ وضده وذلك للإختلاف الكبير بينهما في الخصائص والمكونات أو أوقات تواجدها ، فالليل لا يجتمع مع النهار والحرب لا يمكن أن تكون في زمن السلم وهكذا .. ولكن يبدو أن زمن المعجزات لم يولي بعد وأننا أمام ظاهره كونية أقل ما توصف بها انها فريده من نوعها وقلما تتكرر مرة أخرى ، فإذا قيل لك أعزك الله ما إسم الحزب الذي يجمع بين الحكومة والمعارضه ؟!ويمكن لقادته الظهورصباحاً بمظهر المظلوم والذين أفنوا زهرة شبابهم في النضال ضد الحكومة وما أن تغيب شمس نفس اليوم حتى تجده يتربع على كرسي الوزاره التي كان يتظاهر ضدها صباحاً ! . فبدلاً أن ترفع حاجب الدهشه من هذا السؤال غير المنطقي فما عليك إلا ان تجيب أن هناك حزب في دولة السودان يسمى الحركة الشعبية يقوم بهذا العمل الخارق للعاده ويمسك العصا من المنتصف والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى أوتعد في ،ولكن يمكن أن نشير إلى بعض منها ففي الوقت الذي كان الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم يشغل وزير رئاسة مجلس الوزراء قبل أن يرتحل جنوباً ليشغل من وزير السلام وهو لعمري شاهدا آخر يمكن أن يضاف لسفرنا هذا فكيف لرجل مثل باقان ظل يطلق صرخات الحرب والثبور أن يُولى ملف السلام ؟ على كل فقد قاد باقان الوزير الأول في الحكومة و بنفسه مظاهرة المعارضة أمام المجلس الوطني الذي يشغل فيه القيادي في الحركة أتيم قرنق منصب نائب الرئيس فكيف يستقيم هذا ؟ إضافةً لقيادة تحالف المعارض والمعروف بتحالف جوبا ثم تأتي الحركة وبنفس الوجه الذي أستقبلت به أحزاب المعارضة في جوبا لتجلس به مع المؤتمر الوطني كشريك في الحكم !! . ولكن ما الذي جعل كل هذه الأشياء تتداعى الآن بالرغم من الأيام قد طوتها في وطن يعتمد على الذاكرة السماعيه فقط ؟ والإجابة تأتي هنا ان ماحدث في نيويورك كان هو السبب الرئيس لهذا السرد التاريخي حيث ما أظهره سلفاكير من موقف أبان مؤتمر نيويورك الذي عقد على هامش إجتماعات الأممم المتحده والذي ناقش قضية السودان وأمه لفيف من الرؤساء على رأسهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيث ظهر سلفاكير بموقف الداعي للإنفصال وليس المرجح له كما ذهبت بعض وسائل الأعلام فالفرق كبير بين أن تدعم شئياً وترجح آخر حيث قال سلفاكير امام النواب السود في الكونجرس " ان الوقت قد حان لينال مواطني الجنوب حريتهم " ، يظل برهاناً واضحاً للتغير الجذري الذي حدث لموقف قائد الحركة من قضيه الوحده والإنفصال ناسفاً بهذا ما صرح به في زيارته الشهيرة لجنوب كردفان والتي يرددها التلفزيون الآن في حملته لدعم الوحدة هذا التحول المفاجئ جعل الأستاذ علي عثمان محمد طه يوجه الإنتقاد المباشر لموقف سلفاكير في إجتماع مجلس الوزراء الأخير وبحضور سلفا نفسه . ولكن المتتبع لمجريات الأحداث قبل المؤتمر المذكور يلحظ وبشكل جلي بعض الأشياء التي مهدت لهذا التحول من قبيل إصرار سلفاكير على السفر إلى نيويورك بصفته رئساً للحركة الشعبيه وليس نائباً أول لرئيس الجمهوريه وإختياره لمطار نيروبي في الذهاب والعودة بدلاً عن مطار الخرطوم . وانسحب هذا الوضع الضبابي حتى على مناقشة الحركة لترتيبات مابعد الإستفتاء والنتيجة المتحصل عليها حيث صرح ياسر عرمان اول أمس ان المواطنين الجنوبين المقيمين بالشمال لهم الحق في ان ينالوا جنسية الدولة الشمالية بعد أن قرر نفس الأشخاص انفصال الجنوب في الإستفتاء !. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 4/10/2010م