منذ شهر سبتمر الماضي وتحديداً الرابع والعشرين منه حين تسني للفريق أول سلفاكير ميارديت- في ظروف بالغة الحساسية- التقاء صناع القرار في واشنطن, ومخاطبة المنظمة الدولية, وحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة فان زعيم الحركة قد أحدث انقلاباً هائلاً سواء علي صعيد طريقة تعاطيه مع الشأن الجنوبي, أو علي صعيد تعبيره الحاد عن مكامن رغباته السياسية. وقد صدرت عن الفريق كير في هذا الصدد تصريحات بالغة الحدة والتطرف لم تعهد عنه قضي بها علي القدر القليل الذي كان يكنه له السودانيين من احترام ومودة كونه الزعيم الذي خلف زعيم الحركة الراحل د. جون قرنق في ظروف صعبة واستطاع قيادة دفة الحركة في بحرهائج بحرص وحذر نادر. لقد كانت المرة الاولي التي يصرح فيها كير علي مستوي دولي أن قيام دولة الجنوب مسألة وقت, ففي كل السنوات السابقة كان كير يحفظ بقدر من الهدؤ والوقار ولا يجرؤ علي الافصاح عن مالات تقرير المصير والاستفتاء وكان يحرص علي القول ان ذلك شأن يخص المواطنين الجنوبيين وليس من حقه التعبير عنه. في نيويوركوواشنطن نزع كير هذا القناع وقالها صريحة ان حركته تسعي لتحقيق رغبة الجنوبيين في اقامة دولة مستقله منفصله عن الشمال وأن هذا أمر دونه الوقت فقط. التصريح الثاني الذي صدم السودانيين أيضاً أن كير قال أيضاً أنه قد يتعرض لاغتيال في اشارة الي ما يعتقد أن الشماليين ربما لن يرضوا عنه ولهذا فهو يطلب من مواطني الجنوب – اذا حدث ذلك – أن يثأروا له!! وكانت هذه بمثابة (طامة سياسية كبري) اقشعر لها بدن العقل الجمعي السوداني بأسرة لأن الثقافة السياسية السودانية لم تعرف قط ثقافة الاغتيال وأدرك الجميع أن الرجل ليس كارهاً فقط لوحدة السودان ولكنه يملك شعوراً عدائياً غير مبرر حيال الشماليين وصل الي درجة شعورة بأنه سوف يتعرض لاغتيال بواسطتهم!. التصريح الثالث الذي زاد من صدمة السودانيين أن الفريق كير قال صراحة في جوبا وهو يستقبل وفد مجلس الأمن الدولي أنه شخصياً سوف يصوت للانفصال ! وبقدر ما حاول العديد من قادة الحركة اظهار التصريح باعتباره رأي خاص وشخصي الا أنهم فشلوا لأن الرجل زعيم لحركة ورئيس لحكومة وهي صفات لا مجال فيها قطعاً للاراء الشخصية. أما التصريح الرابع فهو مطالبته- المخجلة- ولعلها تجاوزت وصف كونها مخجلة لما أهو أبشع باستقدام قوات دولية لترابض في الحدود بين الشمال والجنوب وكان كير وقتها يطعن في صميم الفؤاد السوداني بحراب سامة كونه يفترض – مسبقاً – أن الانفصال لابد أن تعقبه حرب طاحنة بين الطرفين ومن ثم علي المجتمع الدولي الحضور هناك. هذه التصريحات الاربعة الرئيسية, في ظل أخري فرعية عديدة كانت في الواقع بمثابة أكبر انقلاب سياسي انقلب فيه الفريق كير علي نفسه وعلي بلاده, فقد ظل الرجل يتستر وراء غموض وبساطة حتي اذا ما حان وقت الاستفتاء قلب لبلده ظهر المجن وأبدي كل هذا العداء الأسود البغيض.