من بين أسباب عديدة أوردها بشأن ضعف إقبال المواطنين الجنوبيين على التسجيل للاستفتاء ، قال رئيس لجنة الأممالمتحدة الخاصة باستفتاء جنوب السودان( بنجامين مكابا ) إن واحدة من أسباب هذا الضعف يعود الى الحملات التى تقوم بها قيادات جنوبية تحث فيها هؤلاء المواطنين على عدم التسجيل والتصويت خارج الجنوب. ومن المؤكد ان هذه الإشارة من جانب الأممالمتحدة تكتسب أهميتها من واقع كونها – أول إشارة – ترد من جهة يمكن القول أنها محايدة ، توجه فيها اتهاماً صريحاً لقيادات جنوبية تعرقل تسجيل المواطنين الجنوبيين لأسمائهم توطئة للتصويت فى الشمال، فقد لاحظنا قبل صدور تصريحات رئيس لجنة الأممالمتحدة هذا، أن كافة المراقبين ينقلون اتهامات متبادلة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فى هذا الصدد؛ الوطني اتهم الحركة بعرقلة عملية التسجيل ،و الحركة ايضاً من جانبها اتهمت الوطني بذات التهمة. والآن الأممالمتحدة توجه التهمة الى الحركة وحدها، و من ثم فان الأمر بهذه المثابة يصبح واضحاً حيث ثبت- على الأقل بهذا الدليل الأممى- ان هنالك أدلة كافية على تورط الحركة الشعبية فى عرقلة عملية التسجيل و من ثم التأثير إجمالاً على عملية الاستفتاء بكاملها. ومن المفروغ منه فى هذا الصدد ان الأممالمتحدة ما أوردت ما أوردته من فراغ لأن السيد مكابا هو رئيس اللجنة المعنية بمتابعة عملية الاستفتاء من قبل المنظمة الدولية و بالتالي هناك دون شك تقارير وردت إليه من موظفي و مسئولي المنظمة التابعين لعمليات التسجيل فى المراكز المختلفة فى شمال السودان تفيد بهذا الأمر ويصعب القول ان تقارير الأممالمتحدة فى شأن بالغ الأهمية و الحساسية كهذا تأتي من فراغ ، كما يصعب ان نتصور إدلاء مكابا بهذه التصريحات دون أدلة ،خاصة اذا عملنا مدي الحساسية التى يتعامل بها المجتمع الدولي مع الحركة الشعبية و تحاشي إغضابها. إذن توفرت أدلة تحمل عل الاعتقاد ان الحركة الشعبية تعيق عمليات التسجيل فيما لم تتوفر أدلة مماثلة تدين أى طرف شمالي، الحزب الوطني او غيره في هذه العرقلة ، والواقع ان هذه الحقيقة ما كان ينبغي الاكتفاء بالإشارة إليها بقدر ما كان المطلوب توجيه لفت نظر -من جانب المنظمة الدولية- لقادة الجنوب بالكف عن عرقلة عمليات التسجيل بهذه الصورة المشينة ،ولعل الأمر المثير للاستغراب ان غالب قيادات الحركة الشعبية يشعرون بارتياح جراء نجاحهم – بالتهديد و الوعيد – فى منع مواطني الجنوب المقيمين فى الشمال من التسجيل ،و ما دري هؤلاء ان هذا المنع فضلاًُ عن كونه يكشف عن أسلوب فاسد و تجاوز لقانون الاستفتاء، فهو ايضاً لن يحول دون إلحاق الضرر بهؤلاء المواطنين لكونهم سوف يتحملون نتائج قرار الانفصال على الرغم من كونهم لم يقرروا ذلك بإرادتهم ، كما لا يستبعد ان يتسبب هذا الوضع فى الإخفاق فى التوصل الى النسبة المطلوبة لترجيح نتيجة الانفصال ، أو أن يكون من قرر الانفصال حفنة من مواطني الجنوب لا يساوون ربع سكانه!