بعد أن أصبح الرئيس أوباما رئيساً للولايات المتحدة - كأول اسود - يصل الى هذا المنصب الرفيع فى تاريخ الولاياتالمتحدة نقل عن الصحفي المصري المعروف محمد حسنين هيكل تعليق على هذا الحدث ، قال فيه (إن أوباما رئيس لا قيمة له لأنه خارج سياق المؤسسة الصانعة للقرار فى الولاياتالمتحدة) و سواء صحت مقولة هيكل أو لم تصح فهو على أية حال قال كلاماً يجد سنده من الواقع ، إذ أنه وعلى كثرة الوعود التى بذلها أوباما و على كثرة المرات التى جاء فيها موفده الخاص الى السودان ضارباً الرقم القياسي غير المسبوق لأي مسئول أمريكي من قبل ، فان الأمر لم يزد عن ما كان واقعاً . وثمة ملاحظة فى هذا الصدد بشأن مندوبة الولاياتالمتحدة فى مجلس الأمن السيدة سوزان رايس ، والتى ربما – لسوء حظ السودان – تترأس هذه الايام مجلس الأمن الدولي . فقد قالت رايس الأسبوع الماضي فى جلسة للمجلس أنها لا تري اى داع لتأجيل استفتاء جنوب السودان ، وأضافت (ما فهمته هو ان عملية التسجيل مستمرة ،وهذه الأمر يتم بشكل جيد فى الجنوب بشكل عام! و أردفت: ننتظر إجراء الاستفتاء فى التاسع من يناير كما هو مقرر)! والذى يستمع الى هذه التصريحات لا بد أنه سيتعجّب للغاية ، فالمندوبة الأمريكية هى التى قالت لرئيس مفوضية الاستفتاء البروفسير محمد إبراهيم خليل – قبل أيام –أنه لا أهمية على الإطلاق للقانون ، حين نبهها خليل الى نصوص القانون الخاص بالاستفتاء وضرورة مراعاة الجداول المنصوص عليها فيه. رايس كانت تحاول التأثير على رئيس مفوضية الاستفتاء و(شراء ذمته) أو إرغامه - ترهيباً – بعدم الالتفات الى نصوص القانون.و هاهي الآن بعد أيام فقط من تحرضيها لرئيس المفوضية بتجاوز القانون تعود لتطمئن أعضاء مجلس الأمن بألاّ عقبات البتة تقف أمام استفتاء الجنوب وان الأمور تمضي بصورة جيدة. لقد استطاعت السيدة رايس بحكم أنها قد تكون على علم بأن رئيسها أوباما بالفعل خارج مؤسسة صناعة القرار – كما أشار بذلك الصحفي هيكل- استطاعت ان تكذب ببراعة عجيبة ، لأن الأمانة كانت تقتضي ان تقول لأعضاء مجلس الأمن ان مفوضية الاستفتاء فى السودان لديها إشكالات بشأن قانون الاستفتاء ، ولكنها بالطبع لم تفعل . ولعل هذا ما يجعلنا نعتقد ان رايس – على نحو ما – تمسك بملف الجنوب السوداني وهى حالياً الرئيس الأمريكي لهذا الاقليم الى حين قيام الدولة؛ ذلك ان رايس عادت مرة أخري للحديث عن ضرورة إرسال قوات الى السودان فى تكرار لذات الطلب الذى سبق و أن لقنته للفريق كير إبان زيارتها برفقة بقية أعضاء مجلس الأمن الى جوبا قبل حوالي شهر، والقاضي بطلب قوات أممية للتمركز بين الشمال و الجنوب . كل هذه المؤشرات يمكننا ان نستخلص منها بسهولة إن رايس تبدي اهتماماً (خاصاً جداً) بالجنوب السوداني علي غير العادة بشأن المندوبين الدائمين فى مجلس الأمن ، وهى بهذه المثابة تبدو كمديرة تنفيذية لشأن الجنوب السوداني فى ظل إمساك فئات معينة بمفاصل القرار فى واشنطن بعيداً عن الرئيس أوباما تماماً !