عملياً فقدَ مني أركو مناوي تماماً منصبه السابق ككبير لمساعدي الرئيس و رئيس السلطة الانتقالية لدارفور و هو المنصب السيادي المهم الذى ظل يشغله لما يجاوز الأربعة أعوام دون منازع أو منافس، وهو ايضاً المنصب الذى توفرت له العديد من السلطات و الصلاحيات و لكن لم تسجل مضابط الرئاسة فى الخرطوم ولا فى ولايات دارفور الثلاث أى تاريخ جدير بالاحترام لقرار أو تحرك سياسي ايجابي عاد بالفائدة على أهل دارفور و كان وراءه مناوي. و قد ثبت الآن فقدان مناوي للمنصب بعد ان قرر ولاة دارفور الثلاث اختاروا الشرتاي جعفر عبد الحكم رئيساً للسلطة الانتقالية. أما فيما يلي حركة مناوي نفسها ، فان من الواضح ان الحركة – بعدما أيقنت من ان مناوي قد ذهب عنها – فقد قررت فصله. و قد تزامن قرار الفصل مع ورود اتهامات تطايرت هنا و هناك من مجموعة كانت تتبع له قالت ان الرجل تسلم أموالاً طائلة من واشنطن و أن سلطته الانتقالية ارتكبت جرائم فساد مالي واسعة النطاق و محسوبية و تجاوزات كثيرة. و بالطبع قد يعتبر البعض هذه الاتهامات من قبيل المكايدات و لكن ما توفر ل(سفاري)من معلومات من مصادر كانت قريبة جداً من مناوي ولديها وثائق ان التجاوزات بالفعل وقعت و أنها صارخة ويصعب تبريرها. وبالمقابل فان المصادر الحكومية فى الخرطوم تؤكد ان حركة مناوي التى وقعت معها الحكومة اتفاق أبوجا فى الخامس من مايو 2006 عملياً لا تزال ملتزمة بالاتفاق و لكن بعيداً عن مناوي باعتبار ان الاتفاق لم يبرم مع شخص مناوي و أنما حركته ، وطالما ان الرجل قد ابتعد عن الحركة ومؤسساتها واختار ان يخرج على الاتفاقية دون استصدار قرار مؤسسي نابع من مؤسسات الحركة بحيث يعتبر قراراً تنظيمياً موحداً ، فان الاتفاقية تظل قائمة و ماضية باتجاه التنفيذ .و لعل الشئ الى يثبت هذه الحقيقة ان حركة مناوي – ومنذ سنوات – تعاني من اختلال تنظيمي ويعاني مناوي نفسه من ما يمكن وصفه بعدم رضا من قبل قادته و معاونيه ، و هذه بالضبط مأساة مناوي ، فهو أخفق فى توحيد حركته ولمّ شملها ، حتى اذا ما أراد المضي قدماً فى الاتفاق يمضي بهدوء سلاسة، وإذا ما أختار النكوص ينكص هو وحركته جميعها ، ولكن الرجل لم ينجح حتى فى هذه المهمة السهلة فهو خرج من الخرطوم – بغموضه الأخرس- الذى لا يتضمن أدني درجات الذكاء و المهارة وترك بيته فى شارع البلدية كما الأطلال دون ان يقول حتى لحرسه و معاونيه أنه ذاهب بلا عودة ، وقد تسبب هذا الوضع فى أن ينقم عليه حتى أفراد حرسه الذين لعقوا حرجهم و انخرطوا فى الحركة بقيادة جيدة هى فى طور التشكل الآن . لقد سقط مناوي وحده ولكن لم تسقط اتفاقية أبوجا .