والجزء الاول من المخطط.. انتهى .. ويبقى الثاني .. ثم الثالث.. حسب ما رسم الترابي للحركة .. الترابي الذي (يتحنث) في غار الاليزييه قبل شهور .. الليالى ذوات العدد .. ويأتيه الوحي هناك للامر كله!! وقبل اربعة اشهر نحدث هنا عن المعارضة وهي تلتقط العسكريين القدامى .. وحين يدخلون على لواء متقاعد معروف يفاجأون بان الرجل يقيم في بيته (حلقة تلاوة). ثم يجدونه يقول لهم: : شوفوا.. انا انقلابي - صحيح - لكنني لست للبيع!! لكن آخرين كانوا للبيع والحركة تقوم بتجنيد عدد غير قليل من العسكريين المتقاعدين.. ومهمتهم في الجزء الاول من المخطط كانت هي .. ان ينتظروا الحرائق والرصاص.. ثم يخرجون في ازيائهم العسكرية (وهاشم العطا نفذ انقلابه وهو على المعاش) ثم يعلنون ان (الجيش ينحاز الي الشعب) بأسلوب ايام اكتوبر وعبود .. ثم يدعون العالم (لمساعدتهم في ايقاف الفوضى) والقوات العالمية تهبط الخرطوم .. و ..وباقان كان يحرص على خروج مبارك الفاضل بصفته صاحب سابقة ضرب مصنع الشفاء وصديق امريكا كما قال للناس. والمخطط يضبط اوتاره وحنجرته. وثقوب صغيرة لم يحسب لها احد حساباً كانت هي بعض ما يكشف المخطط هذا او يصبح شاهداً عليه.. وبعض الثقوب كان هو حديث الترابي في الجزيرة - قبل انقشاع الامر - وحديث سلفاكير في جوبا في الساعة ذاتها. وكلا الرجلين يقول ما يقول لان الخطة المعدة سلفاً كانت هي ان يقولوا ما قالوا.. دون ان يخطر ببال احد .. ساعة وضع الخطة ان الامر يمكن ان ينتهي في نصف ساعة. والترابي - وفي تصوره انه ينفخ في الحرائق المشتعلة ويمهد لقيادة الدولة - قيادته هو. كان يحدث الجزيرة والمواطنين ليقول ان (مظاهرات عنيفة تنفجر في الاقاليم) ويدعو المواطنين (الا يخافوا فهكذا كان الشأن ايام اكتوبر 64 وايام الانتفاضة 1985م وان اخوانكم في الجيش ينحازون لكم). كان الرجل يحدث وفي ذهنه ان العسكريين المتقاعدين يرتدون الان ملابسهم للخروج. وقريباً من هذا كان حديث سلفاكير من جوبا وهو يستنجد الدول لانقاذ السودان الذي يحترق!! والانفجار كان مقصوداً ومخططاً واهدافه مغطاة بمهارة تجعل كل الصحافة امس تهدر بعيداً عن الهدف الحقيقي. فالهدف الحقيقي للحركة .. واسلوب تعاملها وهي ترفض - بدقة - ان تطلب تصديقاً .. وهي تخرج رغم الاعتراض.. الهدف الحقيقي للحركة كان هو ان تحطم القانون. فان سكت الوطني وابتلع قانونه وشرب كوب الرعب كانت الحركة يومئذ هي الحاكم الوحيد ..!! للسودان كله. والوطني ان هو ذهب يعارك انفجر السودان. كان هذا هو الامر كله. لكن الحركة لم يخطر لها لحظة واحدة ان الدولة - وبخبث جيد - تعمل على (عزل) الحركة .. ثم تجعل الحركة هي من عليه ساعتها ان يختار بين ان (يجري) وبين ان يموت .. بعيداً عن كل فريق. وان الدولة .. وباعلان عطلة مفاجئة تعزل سمكة الحركة عن نهر المواطنين. والدولة باعلانها نصف الليل انها سوف تمنع المسيرة لانها غير قانونية كانت تجعل كثيرين يلزمون بيوتهم. ثم لا يبقى بعدها الا من هو مستعد للمواجهة في سبيل الحركة الشعبية. والحركة تتلفت فتجد ان الاربعين الف الذين وعدت بهم لا يخرج منهم الا .. ستمائة!! هل لاحظت انه لم يتبرع احد حتى الان بالاشارة الي عدد المتظاهرين صباح الاثنين. (2) الجزء الاول من المؤامرة يفشل اذن. والثاني الذي يجري الاعداد له هو - اغتيالات - ونحدث عن هذا. والثالث كذلك. لكن مشهد وجوه كثيرة يصبح شيئاً يغري بكتابة التاريخ. امس في الظهيرة كان الترابي وبعد فشل موكب الحركة - يخطب في دار الحركة الشعبية - ويتحدث في حرقة. والترابي واحمد سليمان المحامي ولبنى احمد حسين وعلي عثمان وفلان وفلان وجوه تجتمع في الذاكرة. حديث الترابي امس الاول كان يعيد مشهده عام 86 .. والترابي في ميدان الصحافة يخطب فوق رؤوس مائة الف .. وبفصاحته المدهشة يندفع في الآيات القرآنية والحديث والفصاحة الترابية .. والمستمعون يميدون كأنهم حقل القمح تضربه الريح فقد كانوا يغوصون في عالم الآيات ذاتها. والترابي يخطب امس الاول في ميدان الحركة الشعبية ويستخدم الآيات ذاتها والفصاحة ذاتها. ونلتفت - وننظر - ونجد ان الرجل يبدو وكأنه يخطب باللغة اللاتينية في خلوة الشيخ (العريان) او يخطب في صحراء العتمور. والذاكرة تستعيد انه في الايام ذاتها عام 86 كانت والدة لبنى احمد حسين تهبط بورتسودان ولبنى طفلة. والذاكرة تستعيد ان احمد سليمان كان يومئذ - في ميدان الصحافة الشهير - يخصص له مقعد مشهور الي جوار الترابي. وعام 1986م كان باقان طالب الجامعة يهرب الي ملكال ليلحق بالتمرد. وامس الاول كان المشهد ينظر فيجد ان الترابي ولبنى احمد حسين يمشون خلف باقان. وان احمد سليمان.. الذي كان احد كتبه في يدنا يعيد الينا اغرب واروع حديث. نقلاً عن صحيفة الوفاق 9/12/2009م