دفعت وزارة الدفاع الفرنسية بعدة أسباب تبرر بها إطلاق القمر ((هليوس تو بي )) أمس الأول في سماء منطقة دارفور بحجة رسم خرائط للاقليم تمكنها من فهم المناخ الاستراتيجي الذي تتحرك فيه في ظل أجواء دولية يشوبها عدم اليقين الفرنسي وفقاً لدفوعات وزارة الدفاع التي اعلنتها وإرتأت أن تطبق سياسة من رأي ليس كمن سمع لتهديدات تترصدها من تلك النواحي، وحتى لا تفاجئها أرسلت قمرها ذلك. وكان يمكن لفرنسا أن تحصل على تلك الخرائط بأقل الأثمان عبر أي من المنافذ التي توفر الخرائط ذات الإغراض المتعددة للدول، وهو أمر متاح ومتوفر ليس للدول فقط ولكن حتى لطلاب الجغرافيا والسياح والرحالة. ويبدو أن دارفور التي غدت محط مصالح دولية عدة فرضت على فرنسا أن تتحسب للقيام المجهول في الجوار التشادي وأفريقيا الوسطي التي تعد مناطق نفوذ فرنسية والتي تخشي فرنسا من تمدد النفوذ الأمريكي فيها اذا نجحت في حل أزمة دارفور، آخذة في الاعتبار أن إسرائيل تريد أن تفرض واقعاً لوجودها في ملف دارفور ((عبر أمريكا)) لتحقيق مكاسب إستراتيجية بلغ حد استضافة لاجئين دارفوريين، استقبال عبد الواحد محمد نور وفتح مكتب لحركته بتل أبيب مما يمثل له ملجأ آخر اذا ما ذاقت به باريس التي وعدت مرات بالضغط عليه للدخول في مفاوضات مع الخرطوم لإنهاء أزمة الإقليم دون أن تخطو خطوة واحدة، ورفض ساركوزي اقتراحاً بعدم تجديد إقامته كما وعد المشير البشير في لشبونة، وقال أن طرده لن يحل أزمة دارفور . وقال العميد أمين (م) حسن بيومي أن فرنسا ليست على يقين بما يجري في الإقليم وان خطواتها تلك بإطلاق ذلك القمر ((خطيرة)) بكل الحسابات، وأوضح ل ((الرأي العام)) أن لدي فرنسا معلومات أولية من مصادر تنشط في دارفور ولكنها ليست مبلورة بصورة تامة لذا تريد أن تستوثق منها، وأشار إلى أن دارفور باتت مهمة لفرنسا ليس بسبب الموارد فقط ولكن كونها عمقاً استراتيجياً لمناطق نفوذها والخوف من تلك الخطوة حسب بيومي يتكشف في أن باريس التي تستضيف عبد الواحد تريد أن تتحصل على معلومات تدفع الإقليم بالمطالبة بالانفصال كما يجري الآن بالجنوب، خاصة وأن موارد وثروات دارفور أكثر من الجنوب وهو أمر قد يكون مشجعاً لمنطقة النيل الأزرق وكردفان ويجر خلفه السودان إلي شفير الهاوية. وأفاد ((ال{أي العام)) مصدر عسكري فضل حجب أسمه بان تقنيات القمر الاصطناعي تتيح له مراقبة التحرك والحياة اليومية للبيئة في أي منطقة يرصدها كما يراقب بدقة عمليات الإنشاء والتركيب لكل المشروعات ويكشف عن الثروات الكامنة داخل الأرض ومصادر المياه وكلها مطلوبات ومحفزات تسعي لها القوى السياسية الدولية لتحقيق مصالح عبرها. كيف تغطي فرنسا ذلك القمر المخصص لدارفور ابان المصدر أن التكلفة الباهظة للقمر تكشف عن أهداف خفية تريد فرنسا تحقيقها وستغطي تكاليف ذلك القمر لأنه ليس مطلقاً للاستخدام التجاري كما في ((نايل سات)) مثلاً في منطقة الشرق الأوسط التي تدفع رسوم تشغيله الفضائيات والقنوات التلفزيونية، واذا قارنا ذلك بمنطقة دارفور فلا توجد شركة تدفع تكاليف ذلك القمر ما لم يكن في هذه الحالة مشاريع استثمارية تعرفها فرنسا بالإضافة الى أعمال المراقبة . وفيما يتعلق بإعمال التجسس الصناعية أفاد بيومي بأنها لم تغمط الدور النمطي للتجسس الذي يعتمد على المصادر البشرية والتي تجمع المعلومات الأولية وتوفرها ويتم الاستوثاق منها عبر الأقمار الاصطناعية وفلترتها كما في محاولة فرنسا هذه. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 9/12/2009م