بتصريحه – غير الموقف و غير الدبلوماسي- بأن دارفور و الشرق ربما يلحقان بجنوب السودان للإنفصال وإقامة دولة منفصلة ، كشف الموفد الخاص الى السودان (سكوت غرايشون) - و لأول مرة- منذ توليه لمنصبه عن طبيعة النوايا الأمريكية و الدور القذر لسياسات إدارة أوباما لتقسيم السودان . وقد يري اى مراقب أنّ استخدامنا لكلمة قذر ربما كانت فى غير محلها على أساس أن أدوار السياسة الأمريكية فى العالم بأسره منذ أن ولجت واشنطن الميدان العالمي عقب الحرب العالمية الثانية هى أدوار قذرة بكل ما تعنيه الكلمة. و الواقع هذا صحيح ولكن ما عنيناه هنا هو ان واشنطن طوال ما يقارب العامين عقب وصول أوباما الى البيت الأبيض ظلت تدرس الأوضاع فى السودان من كافة المناحي و لو كانت على قناعة أصلاً بسياساتها السابقة و مسلِمة تماماً بالمعطيات الماثلة بحسب ما ورثتها عن إدارة بوش الابن لما كانت فى حاجة لإهدار ما أهدرت من وقت و جهد، ظل فيها موفدها الخاص يغشي السودان فى سلسلة زيارات ضربت رقماً قياسياً بكل المقاييس وتعتبر غير مسبوقة، حيث تشير إحصائيات صحفية أن غرايشون حضر الى السودان فى الفترة الماضية منذ تعيينه حوالي 95 مرة! من المؤكد انه تلقي فيها بالقدر الكافي المعلومات و الحقائق على الارض كفاحاً. و هو ما دفعه لتقديم تقرير لإدارته بضرورة التعامل مع السودان تعاملاً جيداً وفقاً للحيثيات التى قدمها و التى أهمها ان هذا البلد ليس كمثل ما يشاع عنه! وهنا بالضبط يتجلي الدور القذر لواشنطن، فهي لم تكتف بالقفز فوق الحقائق و كان بوسعها أن تغالط فحسب لكنها تلاعبت بالشأن السوداني و بدت كأنها كانت تعين السودان على التداوي و لما شارف على الشفاء عادت لتعطيه (حقنة قاتلة) ولعل أقذر دور لعبته واشنطن فى سياساتها الأخيرة تجاه السودان أنها سعت لتقسيمه غير عابئة تماماً بأن العمود الفقري لهذا البلد هو تنوعه و اتساع مساحته تماماً كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة . وربما بدا ان واشنطن إنما فعلت ذلك بقصد تحجيم دول النخبة الإسلامية الحاكمة ولكن متي كانت الدول و البلدان و الشعوب تحاكم علي توجهات قادتها؟ فالنخبة الحاكمة فى السودان ليست نبتاً شيطانياً منبتّ الصلة بالسودانيين ،إذ ان ذات توجهاتهم هى الغالبة لدي قطاع عريض و مؤثر فى السودان فى شتي أقاليمه بما فى ذلك الجنوب نفسه الذى يوجد فيه مسلمون و منتسبين للحزب الوطني . من الواضح إن واشنطن فضلت تقطيع أوصال هذا البلد لمصلحة جهة أخري هى فى الغالب اسرائيل ، تماماً كما فعلت فى العراق ، حين عملت على تفكيك قوته حتى لا تظل مهدداً لإسرائيل !