لا أعتقد أن هناك حكومة منتخبة عاقلة يمكن أن تلقي جانبا تفويض الجماهير لها وتشكل ما يسمى بحكومة قومية مهما كان الزعم أو الحيلة أو الحجة.. دعوة الحكومة القومية هي حلم الفاشلين وهي محاولة لتذويب الإرادة الفاعلة في الحكومة الحالية.. الشعب قفل الباب أمام الفاشلين عبر صناديق الانتخابات، لكنهم يسعون للدخول للحكومة القومية عبر النوافذ.. مبدأ المشاركة السياسية يمكن أن يكون مقبولا إن ارتكز على تحقيق البرنامج الذي اعتمدته الجماهير وأكدته نتائج الانتخابات الأخيرة.. الذين يدعون للحكومة القومية يزعمون أنهم أصحاب الديمقراطية وحدهم ويتجاهلون أن المبدأ الديمقراطي لا يقوم على تزوير ارادة الجماهير والالتفاف على نتائج الانتخابات وافتعال الحجج للقفز إلى سدة الحكم.. أمس في الجزيرة الخضراء قطع رئيس الجمهورية قول كل خطيب وأعلن انحيازه لارادة الجماهير وفرقع بالونة أحلام الحالمين.. النفاق أن تملأ الساحة ضجيجا بمفاهيم الديمقراطية ولكن تنكص عن ممارسة اللعب النظيف في ميدان الانتخابات وتشكك في نزاهتها وربما في جدواها. نذكر بألم شديد وحسرة ما صاحب العملية الانتخابية من ممارسات لقادة سياسيين ولأحزاب لاشك أن مكانها اليوم متحف السياسة السودانية.. كانت الحقائق على الارض تؤكد أن الانتخابات كانت تسير نحو غاياتها دون أن تلتفت لأي دعوة واهية للمقاطعة أو الانسحاب.. فلم تأت (الولولة) ولطم الخدود وشق الجيوب والاتهامات المسبقة بالتزوير إلا بخفي حنين.. لم يتفهم المتلجلجون أن الوقت كان يمضي كالسيف فلم يُستغل في الاستعداد الجّيد للمعركة بالطرح المقنع وبالخطاب المنطقي.. نذكر تلك الأحزاب بالقنبلة المدوية أطلقها حزب البعث قبيل الانتخابات معلنا أنه تلقى وضمن أحزاب أخرى، دعوة من السفارة الأمريكية، لإجتماع يتم التداول فيه حول الإنتخابات وما يتصل بها!!.. نعم هكذا!!.. ما شأن الولاياتالمتحدة بالانتخابات في السودان؟!. ولماذا أحزاب بعينها؟. إن الحديث النظري عن الديمقراطية وحتميتها وضرورتها أمر سهل وميسور ظل بعض القادة السياسيين يتشدق بها لكن ممارستها على أرض الواقع كان محكا أخرس وألجم المنظرين والادعياء وهذا ما نلمسه اليوم حتى أن أولئك القادة هرعوا مستنجدين ومستعينين على وطنهم بالآخر المتربص؟!.. لقد مثّل قيام الانتخابات أساسا لجهود تأسيس دولة المؤسسات والانتقال إلى التداول السلمي للسلطة والتعددية السياسية، وهذا للأسف أمر غير مسموح به للسودان وارتضت تلك الأحزاب أن تكون أدوات هدم للاستقرار السياسي عبر فرية الحكومة القومية. ما يُعجز الاحزاب الفاشلة حقا ليس الشرعية الانتخابية فحسب بل شرعية من نوع آخر وهي تتأكد يوما بعد يوم من خلال المشروعات التنموية..أمس تم افتتاح مشروع انارة 200 قرية بمنطقة معتوق بولاية الجزيرة وقد شملت المرحلة الأولى إفتتاح إنارة 50 قرية وبلغت نسبة التنفيذ 80 % من جملة ألف قرية مستهدفة بالإنارة بالولاية.. رئيس الجمهورية اعتبر مشروع انارة قرى الجزيرة أكبر مشروع ينفذ بعد مشروع الجزيرة. نقلا عن صحيفة الرائد السودانية 29/12/2010م