اجتماع تحالف جوبا منتصف الأسبوع الماضي بدار حركة تحرير السودان جناح مناوي، حمل الكثير من الإشارات إلى أن الأخير بات أكثر قربا من تحالف جوبا الذي لم يشارك في اجتماعاته التحضيرية، وكان مني اركو مناوي زار جوبا بداية الأسبوع الماضي وبحث خلال لقائه بسلفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية عددا من القضايا شملت الانتخابات وسير عملية تسجيل الناخبين والاستفتاء حول تقرير المصير للجنوب بجانب تطورات قضية دارفور، ولم ينس مناوي أن يبعث برسائل سياسية ذات نكهة انتخابية عقب اللقاء مفادها إمكانية التحالف بين حركته و(الشعبية) في الانتخابات القادمة شريطة تبني الأخيرة خيار الوحدة في الاستفتاء. فلاش باك بدأت علاقة حركات دارفور بالحركة الشعبية منذ نشأت هذه الحركات حيث كانت الشعبية هي الممول الرئيسي لحركة تحرير السودان قبل انشقاقها في عام 2005م عقب مؤتمر حسكنيته الشهير ، ويرجع بعض الخبراء انشقاق الحركة إلي تركيز دعم الحركة علي قبائل الفور دون قبائل الزغاوة علي حسب ما أورد الكس دي وال في كتابه دارفور . وكان رئيس الحركة الشعبية د.جون قرنق يتحدث كثيراً عن قضايا الهامش ومساندتهم في الوصول إلى سلام عادل للثوار الذين حملوا السلاح من اجل قضايا الهامش ، والتعاون مع الحركات الثورية لبناء السودان الجديد الذي نادي به برامج الحركة الشعبية منذ ثمانينات القرن الماضي. وقد غيرت الحركة اسمها لاحقا من “حركة تحرير دارفور" إلى “حركة تحرير السودان"، بتوصية من قرنق كمحاولة للمقاربة بين الحركتين وتعضيد كل منهما للأخرى في مواجهة الحكومة السودانية. وبعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل في عام 2005م ، كان الناس يتوقعون أن تأتي الحركة بالحل السحري لقضية دارفور، لكن وفاة قرنق المبكرة أدت إلى قلب مواقف الحركة تجاه حل قضية دارفور. وشاركت الحركة الشعبية في وفد الحكومة لمفاوضات ابوجا، ثم بعد ذلك بدا وأنها اتخذت مقاعد المراقبين لبرهة من الزمن، قبل أن تتجه بعد مؤتمرها العام الأخير للعب دور أكثر حيوية لإقرار تسوية سلمية لازمة دارفور، سواء عبر توحيد الحركات المسلحة كما فعلت قبل مفاوضات سرت، أو توحيد موقفها التفاوضي، وقد عمدت في السابق وعبر مؤتمر جوبا لتوحيد الفصائل الدارفورية، وطوال أكثر من شهر لتوحيد هذه الحركات بغية بلورة أهدافها واستراتيجياتها السياسية والخروج برؤى موحدة ولكنها لم تنجح سوى في توحيد عدة فصائل صغيرة بقيادة أحمد عبد الشافي، الذي اعتبرته الحركات الأخرى كادرا بالحركة الشعبية يسعى لتمرير أجندتها ولا يعبر عن قضايا الإقليم، واتهموا الشعبية بأنها تريد إنشاء موطئ قدم بدارفور، أو تريد امتلاك عصا قوية تخيف بها المؤتمر الوطني متى ما أرادات ، الأمر الذي رفضه كثير من قادة دارفور. التكتيكي والاستراتيجي ويرى مراقبون أن الشعبية اتخذت موقفين حيال قضية دارفور حيث أعلنت أنها تعمل على توحيد رؤية التفاوضية للحركات المسلحة من جهة، وتعمل مع المؤتمر الوطني لجعل قضية دارفور كأولوية لحكومة الوحدة الوطنية وقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم في وقت سابق (ان الحركة تعمل على تهيئة المناخ للمؤتمر الوطني والحركات المسلحة للتفاوض حول القضايا التي اختلفوا حولها مثل إعادة توزيع السلطة في دارفور ومشاركة دارفور في السلطة الاتحادية حتى يكون لأهل دارفور مشاركة في صنع القرار). وشدد باقان على أن الحركة ليست طرفاً في النزاع، وستكون مساعدة لإطراف النزاع بدارفور في التوصل لسلام عبر تهيئة المناخ للمفاوضات. ويرى عبد الله ادم خاطر (الكاتب الصحفي والملم بالشأن الدارفوري) أن الحركة الشعبية تحت قيادة الراحل الدكتور جون قرنق كانت تستقطب الهامش السوداني بما فيه النيل الأزرق والشرق ودارفور وأضاف عندما قامت حركة تحرير السودان في دارفور (2002م – 2003م) تواصلت مع الحركة الشعبية. ويضيف خاطر أن العلاقة بين حركات دارفور والحركة الشعبية موجودة ومعترف بها، وحتى الدكتور خليل إبراهيم المعروف بتوجهاته الإسلامية كان يعترف بها ووصفها بأنها قابلة إلى التطور وعلل حديثه بان هذه المناطق تنعدم فيها التنمية . ويزيد خاطر أن علاقة حركة مناوي بالشعبية طيبه ومتجهه في إطار التعاون الاقتصادي والاجتماعي والإعلامي واتفاقيات السلام والدستور وإمكانية التحالف والتعاون شيء طبيعي وأتوقع أن يكن التحالف كسب فيما بينهم . ويقول محمد عبد الله (عضو كتلة سلام دارفور) أن علاقة الشعبية بحركات دارفور بصورة عامة بما فيها خليل إبراهيم وعبد الواحد نور و احمد عبد الشافي ومناوي خاصة تأتي في إطار الأطروحات ومسألة عدالة توزيع الثروة والسلطة. بينما يذهب ادم النور (القيادي بحركة تحرير السودان جناح مناوي) لا مانع أن كل التنظيمات السياسية تدخل في تحالفات بشرط أنها ترضي طموحاتها في إطار الديمقراطية وخدمة الوطن، ويلفت إلى أن التحالفات ليس بالجديدة بل أنها متكررة، و وحركة تحرير السودان وجدت اقرب تنظيم لها هو الحركة الشعبية. ويضيف أيضا أن علاقة الحركة الشعبية وحركات دارفور ليست بالجديدة وكلها علاقات مطلبيه اقتسام سلطة وثروة. ويشدد النور على ضرورة أن تلعب الشعبية دوراً أكثر فاعلية من اجل الوحدة الجاذبة، كما أن على الشريكين أن يتفاهما بخصوص هذا الملف لان الانفصال إذا وقع يجد أن الأجواء في البلاد ككل غير مهيأة، كما أن الجنوب لا تتوفر به مقومات الدولة. وفي ذات الاتجاه يمضي ذو النون سليمان (المتحدث باسم حركة جيش تحرير السودان) ويقول إن هناك قواسم مشتركة بين حركته والحركة الشعبية فيما يختص بالنضال من اجل حقوق الهامش السوداني وهي قضايا متشابهة اقتضت أن يكون هناك تنسيق في المواقف، ويضيف لا نستبعد أي تقارب لان الخط السياسي واحد و متى ما اختارت الوحدة كخيار جاذب سيكون هناك تحالف قوي. غير أن د. ادم محمد احمد (أستاذ العلوم السياسية) له رأي آخر ويقول إن حركة تحرير السودان ليس لها وزن سياسي كبير مقارنة بالشعبية، مما يقل من فرص فوزه بدوائر انتخابية مما يضعف موقفه في التحالف. نقلاً عن صحيفة الرائد 13/12/2009م