لم يكن من الممكن في عهد مملكة مصر والسودان، ولا في مرحلة الناصرية، أن تجتمع خمس دول افريقية مثل (أثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا). كي تطالب بالرجوع إلى إعادة تقسيم الحصص المائية من نهر النيل وأن اتفاق العام 1929 بخصوص توزيع النسب المائية للنهر قد فات زمانه وأن هذه الدول باعتبارها من دول المنبع فإنه يحق لها أن تعود إلى موضوع الحصص، حسب ظروف الاحتباس الحراري وشح المياه في إفريقيا والعالم اليوم. لا يخلو الأمر من مكيدة دولية هدفها القضاء على مصير دولتين عربيتين: مصر والسودان، فقد ظلت فكرة إعادة تقسيم مياه النهر، في محل مزاد إقليمي ودولي تعلو نبرته في ذروة الصراع العربي – الإسرائيلي الذي كانت تقوده مصر حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد، إلى أن تجرأت إسرائيل فطالبت مصر بحصة من مياه النيل وهو طلب لا يمكن لمصر أن تقبله... بدأ تحريك الأطراف الإفريقية المشاطئة للنهر، وصاحبة العلاقات الممتازة مع أميركا وبلدان أوروبية بإثارة موضوع اقتسام مياه النهر بموجب اتفاقية جديدة تم توقيعها في أيار من العام 2010، وقد طالبت الدول الخمس المذكورة بانضمام مصر والسودان إليها، وكان من الطبيعي أن يتم رفض هذا الانضمام، علماً أن جمهورية الكونغو الديمقراطية وبورندي رفضتا توقيع الاتفاق أيضاً. وبحسب القراءة الأولية للمشكلة المثارة مجدداً نجد أن اثيوبيا قد شربت (حليب السباع) في تحديها لمصر، بل وتحذيرها من مغبة التفكير بأعمال عدائية (حربية) حتى إن الصحافة الإثيوبية باتت تهدد مصر إذا تمادت في تحريضها على الاقتتال في السودان.. سبق لأثيوبيا أن اعتبرت نفسها دولة وصاية على الصومال فأقحمت جيشها في المعارك الصومالية الداخلية، ولم يكن لكل هذه المواقف أن تكون لولا الرعاية الأميركية والحضانة الإسرائيلية. وإسرائيل موجودة منذ زمن قرب منابع النيل ومساقطه: وتقول معلومات حديثة: إن هناك ما يربو على ثمانمئة خبير مائي إسرائيلي في جنوب السودان وحده، هذا غير البقية الباقية في أثيوبيا وأوغندا وتنزانيا.. فالقضية المائية بالنسبة للمشروع الصهيوني قضية قديمة. عين إسرائيل على مياه النيل وما نظن أن شبه الإجماع الإفريقي من دول مشاطئة للنيل ضد مصر والسودان، إلا بداية الرقصة. المصدرك تشرين السورية 4/1/2011