ما إن اتضحت الوجهة التي تسير فيها قضية جنوب السودان وهي الانفصال لا محالة, إلا وبدأت قضية دارفور تتخذ نشاطا جديدا وشكلا أخر غير المعهود, باعتبارها ستكون قضية الساحة السياسية بعد انفصال الجنوب. وإقليم دارفور الذي دارت فيه صراعات تولدت عنها حركات مسلحة متعددة المطالب والمضامين في فترة وجيزة , لعله الحدث الأخر والأهم الذي ينتظر حكومة المركز لحسمه والبت فيه بما يتوافق ومتطلبات أبناء الإقليم, وما تتفق عليه الحركات المسلحة وربما تغيرت خارطة الحوار بين الحكومة والحركات المسلحة أخيرا, مما قاد الحكومة إلي سحب مفاوضيها من الدوحة رسميا لأسباب ترتبط بتماطل الحركات علي حد قولها, وهذا ما جعل الملف ينشط داخلياً وتبدأ جهات أخري في البحث عن قواسم مشتركة تدفع بها ما توقف من سير للتفاوض . حزب الإرادة الحرة الذي تحول من حركة مسلحة إلي حزب سياسي بدأ جاد في طرح اتفاق ابوجا الذي وقعته الحكومة مع مجموعة الحركات المسلحة سابقاً, وقال علي محمد مجوك رئيس الحزب في مؤتمر صحفي أمي, إن حزبه يري بعد التعثر الذي صاحب عملية الحوار, ضرورة تفعيل اتفاقية ابوجا وضخ الروح فيها من جديد ليلتف حولها كافة أبناء دارفور باعتبارها حتي اللحظة الأداة الرسمية التي تمخضت عنها السلطة الانتقالية وقادت أهم الأطراف إلي أفق الحوار الجاد. وأشار مجوك إلي أن حزبه يسعي جاداً لمراجعة سلطة دارفور الانتقالية رافضا إن ترتبط السلطة بأفراد, وهي ما تبقي لأهل الإقليم من اتفاق أبوحا. ونبه رئيس الإرادة الحرة إلي خطورة ملف دارفور في المرحلة المقبلة, مما يحتم تفهم مجرياته. وذكر أن تجمع الأحزاب السياسية إذا التف حول الملف سيقود الإقليم إلي صراع من نوع جديد, خاصة ما أورده بشأن تخفي بعض الحركات تحت عباءات حزبية وأخري أجنبية, وليس لها موقف من قضية السكان والمواطنين. وكان حزب الإرادة الحرة قد عبر عن رفضه المطلق لفكرة الإقليم الموحد لما فيه من مخاطر وعواقب وخيمة علي دارفور معددا ماثر التنوع العرقي والقبلي الذي يشكل المجتمع هناك, والذي بدوره يرفض أن تكون قيادة وإدارة أكثر من سبعة آلاف مواطن تحت أفراد أو مجموعة سلطوية بعينها من داخل مجتمعات الإقليم المتشعبة, وذلك سيقود إلي توترات جديدة أكثر خطورة من سابقها, ويضيف حزب الإرادة بأن غربية وأجنبية لها أجندة تمضي باتجاه فكرة الإقليم والواحد. وقضية دارفور تجئ كأبرز القضايا التي استحوذت علي اهتمام الرأي العام العالمي والمحلي في السنوات القليلة الماضية, مما جعل أكثر من (25) ألفا من الأوربيين يزورون الإقليم في فترات مختلفة بجانب عشرة آلاف من ممثلي المنظمات والهيئات الدولية الأخرى هذه المرة, وبحسب ما ألمحت إليه حكومة المركز سوف لن تجد منحي يضعها أمام الأطماع الخارجية, ليبقي فقط الحل والحوار بالداخل, وهو ما جعل الحركات المسلحة تعيد رؤيتها ومواقفها إزاء الملف, وحتي يتم طي ملف الاستفتاء ستظهر إمام قضية دارفور عدة خيارات تحسبا لما تتجه إليه في ظل التحول الذي ينتظم الحكومة والسلطة بالبلاد التي أعلن رئيس الجمهورية عن سعي حزبه لجعلها عريضة تتسع لحمل كافة القوي السياسية في طياتها. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 6/1/2011م