تحليل سياسي قبل أشهُر خلت حذر نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) من أن يكون جنوب السودان غير مستعد و غير قابل لنشوء دولة فيه. وقال بايدن وقتها عبارة سارت بها وسائل الإعلام (آخر ما نحتاجه فى هذه المنطقة دولة فاشلة جديدة) . و لربما نسي بايدن الآن ما قاله أو أنه يعمل على تناسيه ولكن صحيفة الانتدبندت البريطانية فى تقرير لها حديث – الجمعة الماضية – أعادت تذكير العالم عامة و دولة الجنوب المرتقبة على وجه الخصوص بهذا الفشل ؛ فقد أوردت الصحيفة تقريراً مطولاً خلصت فيه الى توافر كافة عناصر ومعايير الدولة الفاشلة فى الدولة المرتقبة فى جنوب السودان . قالت الصحيفة (جنوب السودان سيكون أو دولة فاشلة فى العالم قبل ميلادها)! فالفساد و التفاوت الطبقي الحاد متفشي فى الجنوب ، و أوردت الصحيفة مثالاً قالت أنه حدث قبل أيام حين حمل وفد مبلغ (1 مليون دولار) سافر بها الى الخليج بغرض إحضار أثاث لمكتب رئيس حكومة الجنوب ، ولكنه عاد بأثاث متواضع (ثريات و عرش خشبي)! و مضت الصحيفة تقول إن شوارع جوبا تزدحم بالسيارات الهمر الغالية ، وأحواض سباحة ، وأنَّ جوانب أخري من المدينة تنتشر فيها تجارة بيع الأجساد (الدعارة) كما ان هنالك الآلاف ممن لا يجدون عملاً أو طعاماً . و الواقع إن ما أوردته الصحيفة و حذرت منه أوردته و حذرت منه صحف عالمية عديدة ؛ كما أوردت ذات الأمر منظمات دولية معروفة فى مقدمتها الأممالمتحدة التى حذرت من موت الملايين بسبب نقص الغذاء و التردي فى الأوضاع الصحية و وفيات الأمهات بسبب انعدام كافة معينات التعليم الأساسي ، بجانب القرارات المتعجلة و غير المدروسة التى اتخذتها حكومة الجنوب مؤخراً بترحيل جامعات الجنوب التى كانت موجودة فى الشمال الى الجنوب ، حيث تبيَّن أن 90% من هيئات التدريس فى الجامعات هذه من الشماليين و أن هنالك صعوبة فى مواصلة هذه الجامعات لعملها فى الجنوب سواء بسبب غياب الأستاذ الجامعي أو عدم وجود طلاب للدراسة لأن 90% من طلاب الجنوب هم الآن فى جامعات شمالية و يجدون صعوبة فى مغادرتها .و هكذا و بصورة عامة فان دولة الجنوب المحتملة بالفعل تبدو دولة مقبلة على فشل أو أنها فشلت قبل أن تظهر الى الوجود ، هذا طبعاً دون التعرض الى قضايا الصراع القبلي المرشحة للانفجار عقب انجلاء غبار الأفراح و النشوة بقيام الدولة ، فبعد أيام من الابتهاج و الفرح بالدولة الوليدة فان المنازعات القبلية و التنازع على السلطة سوف يطل برأسه و تبدأ كل مجموعة إثنية فى محاولة السيطرة و فرض إرادتها و إذا وضعنا فى الاعتبار شعور بعض المجموعات الاثنية بأن هناك اثنيات معينة (مثل الدينكا) يسيطرون و يهيمنون على الأمور ، فان المواجهات واقعة لا محالة.