الإنباء التي انفردت بها صحف الخرطوم صباح أمس عن عودة رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي للخرطوم في العشرين من الشهر الجاري, بعد التوصل لاتفاق مع المؤتمر الوطني لم يكشف عنه. إلا أن مساء أمس شهد نفي الخرطوم للخبر بشكل بدا لافتاً. مغاضبة وانشقاق مناوي بعد خروجه من الخرطوم مغاضبا وتوجهه تلقاء جوبا, وحشده لقواته لحرب الخرطوم, بعد أن انشق عليه تيار الإصلاح بقيادة علي حسين دوسة, وقام بعزلة من كافة مؤسسات الحركة, ثم ما لبث إن توحد مع مجموعة مصطفي تيراب وأعلن الجمعة الماضية توحيد صفوف التيارين تحت إمرة الأخير, مؤكدين في ذات الوقت علي تمسكهم بتنفيذ اتفاقية ابوجا مع حكومة الخرطوم. حديث فاتر حكومة الخرطوم لم تبد ترحيباً بمناوي الذي أدار لها ظهره وغادر قبل قرابة الثلاثة أشهر, ويستعد مجدداً للخرطوم فقد سارع مستشار رئيس الجمهورية مسئول ملف دارفور د. غازي صلاح الدين لنفي خبر وجود أي اتصالات مباشرة أو غير مباشرة مع مناوي المتواجد حاليا بجوبا, وقال غازي في تصريحات صحفية بالقصر الجمهوري أمس إن هناك اتصالات سابقة مع مناوي تتعلق بتطبيق الاتفاق وإعطاء الأولوية للسياسة الأمنية ولم يوافق عليها, نافيا وجود أي اتصالات حالية مباشرة أو غير مباشرة معه. وفي سياق أخر قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الصوارمي خالد سعد بأن قوات مناوي ليس أكثر من كتيبة أو أقل حتي تستدعي الانتباه إليها, ولكن إذا رحبت به الحكومة والقيادة السياسية فإننا ليس لدينا مانع في عودته طالما أنه يحمل بين يديه السلام خاصة وأن الأعمال التي قام بها خلال الفترة الماضية ليست حميدة وضد السلام. وكان الرئيس البشير في زيارته الأخيرة لمدينة جوبا طالب رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت بطرد الحركات المسلحة الدارفورية من أراضيه, وهو ذات الأمر الذي طلب الرئيس الأمريكي أوباما من سلفا في اتصال هاتفي, اعتبر فيه أن وجود الحركات المسلحة من شأنه عرقلة الاستفتاء. مناورة سياسية وفي ذات الوقت اعتبرت حركة تحرير السودان بقيادة مصطفي تيراب تصريحات رئيسها السابق مناوي حول عودته للخرطوم خلال الفترة القادمة بأنها مجرد مناورة سياسية لكسب الوقت, معتبرة أن هذا الموقف بهدف لقراءة, ولفت نظر المؤتمر الوطني إلي أنه وقع اتفاقية أبوجا مع حركة جيش تحرير السودان وليس مناوي. وقال الناطق الرسمي لحركة تحرير السودان جناح تيار الإصلاح وعضو المكتب القيادي ذو النون سليمان إن مناوي بالنسبة لهم بات شخصا من الماضي بسبب موافقة المترددة والمتجددة حيال عملية السلام, وأضاف ذو نون ل(السوداني) أن مناوي اتجه للحرب بعيدا عن رأي المؤسسية وتزوير قيادة الحركة, والزج بها في معركة شخصية بعيدا عن إستراتيجية الحركة ومصلحة إقليم دارفور. وزاد أيضاً إذا عاد مناوي للخرطوم فانه مرغم علي السلام وليس راغباً فيه لأنه بات في وضع حرج جداً, مؤكدا في ذات الوقت صحة موقفهم إزاء عملية السلام, وأضاف أيضاً إذا وصل الخرطوم فانه يرحب به علي أساس أنه مواطن عاد للسلام فقط, ولفت ذو النون إلي أنهم قاموا بتكوين مجلس اعلي انبثقت منه لجان سياسية وعسكرية منوط بها التعاون علي إنفاذ اتفاقية أبوجا من جانب الترتيبات السياسية والعسكرية, وإنهم في طريقهم لعقد مؤتمر عام سيحاسب ويسائل مناوي في حالة حضوره أو غابه علي تهم الفساد المالي والإداري التي وجهت له مؤخراً. قلب الأوضاع ويري مراقبون بأن مناوي بات يبحث عن موطئ قدم له بالشمال بعد أن ضاقت عليه الأرض بعد طرد حكومة الجنوب له من أراضيها, ومضوا إلي أنه بات في وضع صعب, فحتي جنود الحركة لن يقبلوا به بعد الآن عقب المأزق الذي أوصل إليه الحركة وسعيه الدؤوب للحرب ضد الحكومة. غير أن المحلل السياسي د. ادم محمد احمد يري أن عودة مناوي للخرطوم تمثل دعماً كبيراً لها في إجراءات تسوية أزمة دارفور. وأَضاف ل(السوداني) في المقابل أن انضمام مناوي لصفوف الحركات المسلحة التي تحارب الخرطوم, بمثابة تقوية لموقفها الرافض التحاور مع الحكومة, باعتبار أن موقعي اتفاق أبوجا أنفسهم لم يجدوا شيئاً. ومضي د. ادم في تحليله إلي أن حضور مناوي للخرطوم يقلب الأوضاع لصالحه, باعتبار قوة شخصيته وتأثيره في مناصريه ومقاتليه, وأن تحركات دوسة وتيراب وانقلابهما المؤسسي ستضعف بسبب ذلك, وزاد أيضاً أنه لن يقتنع بعودة مناوي إلا بعد أن يراه أمامه في الخرطوم, وغير ذلك فسيكون من باب الشائعات. نقلا عن صحيفة السوداني السودانية 12/1/2011م